2015-01-04

القنبلة الطائرة

جاء حادث الطائرة الماليزية، التي عثر على حطامها الأحد الماضي، لكي يعيد إلى الأذهان لغز اختفاء الطائرة «بوينغ 777» التابعة للخطوط نفسها، خصوصا بعدما اتهم «مارك دوغتن»، وهو الكاتب الفرنسي، والمدير التنفيذي لشركة «بيتريوس» للطيران، الأمريكيين بإسقاط الطائرة الماليزية بصاروخ أطلق من القاعدة العسكرية الأمريكية الموجودة في جزيرة ديغو غارسيا البريطانية، التي تبعد عن أستراليا بثلاثة آلاف ميل، وهي موقع عسكري استراتيجي مهم للأمريكيين في هذه المياه التابعة لحوض الباسيفيك وجنوب القارة الآسيوية.

لعل الجميع يتذكر ذلك الإقلاع المأساوي رقم «MH370»، الذي أودى بحياة 219 مسافرا وحظي بتغطية إعلامية دولية جارفة ومكثفة، حيث لم تكتشف بقايا حطام الطائرة ولم تسفر نتائج البحث الدولي عنها عن أية نتيجة. وطبعا لم يكن دخول مكتب الشرطة الدولية على الخط دخولا بريئا في مثل هذه الحوادث.

لو رجعنا إلى بسط الأفكار التقنية التي قدمها لنا مجموعة من المختصين، واطلعنا على فحواها في العديد من التقارير التقنية ذات الخبرة، والتي تثبت أن حادث اختفاء الطائرة «بوينغ 777» هو في الأصل حدث صادر عن تواتر مجموعة من الأحداث المتناسقة التي تنذر بوجود حرب إلكترونية عالمية خطيرة، ليس قرصنة موقع شركة صوني العالمية من طرف قراصنة تابعين لكوريا الشمالية بسبب إنتاج الشركة لفيلم يحكي عن قتل عناصر من الاستخبارات الأمريكية للرئيس الكوري، سوى حلقة من حلقات مسلسل هذه الحرب الإلكترونية الشرسة بين الأقطاب العالميين.

المنطق التقني ينفي مجموعة من التفسيرات التي تم تقديمها للرأي العام الدولي في شأن تحطم الطائرة الماليزية واختفائها؛ إذ لا يمكن إطلاقا أن يقدم الربان ومساعده على إيقاف تشغيل جهاز إرسال البيانات الإحداثية وبيانات الرادار التي تخبر بموقع الطائرة؛ فعملية تعطيل أجهزة الاتصال هي عملية معقدة ولا يمكن للربان أن يقوم بها إطلاقا من مقصورة القيادة، لأن الروابط السلكية المشغلة لجهاز الرادار تكون في قلب الطائرة وعلى الربان أن يخرج من الطائرة أصلا ويفتح مقصورة خارجية ليعطل هذا الجهاز. وبالتالي فخبر أن الربان أقفل جهاز الرادار وقال: «تصبحون على خير»، هو قول غير معقول.

لماذا يصعب تعطيل جهاز الرادار؟ لأنه من اللازم، ولأسباب أمنية بحتة، أن تتعرف القواعد الأرضية وخصوصا العسكرية على كل الطائرات التي تمر في الأجواء. وفي حال ما سلمنا بأن طائرة ما، ولأسباب مادية خاصة، تعطلت أجهزة رادارها وتواصلها، فإنها تتحول من طائرة إلى «شيء يطير» على القوات الجوية ملاحقته والتعرف عليه وتحطيمه إذا كان يشكل خطرا.

وللذكر فإن أي شيء يطير، وبقواعد علمية كلاسيكية بسيطة، يتم التعرف عليه وعلى مساره من رادارات أرضية بسيطة، وهذه العملية تقوم بها الإنسانية منذ نصف قرن تقريبا، وبالتالي فخبر اختفاء الطائرة وعدم ضبطها من على الأرض يبقى احتمالا صعبا وغير ممكن الحدوث.

أما الخبر الرسمي الذي تم تداوله في شأن سقوط الطائرة بالمحيط الهندي قرب فيتنام، فهو خبر تفنده نتائجه، بحيث لم يتم العثور لحد اليوم على بقايا وشظايا الطائرة، علما أن السقوط من علو 11 كيلومترا في البحر أقوى صدامية من السقوط على الأرض بالنظر إلى الكتلة الحجمية الهائلة للبحر. وبالتالي فأي سقوط في البحر من هذا العلو يعطى انفجارا وانشطارا للطائرة وليس غرقا في الأعماق. وحتى إذا افترضنا غرق الطائرة في عمق سحيق يصل إلى 8 أو 9 كيلومترات تحت سطح البحر، فإن «العلبة السوداء» مجهزة لتصدر ومضات قوية تتعرف عليها الطائرات التي تحلق قربها والبواخر التي تمر بجانبها.

وكلنا نتذكر أن الطائرة التي سقطت في الأعماق السحيقة للمحيط الأطلسي سنة 2008، والتي كانت قادمة من «ريو ديجانيرو»، قد تم العثور عليها في ظرف 5 أيام عندما تحسست البواخر ومضات العلبة السوداء للطائرة.

وحتى إن افترضنا أن أستراليا كانت محقة في العثور على شظايا «تشك» في أنها للطائرة الماليزية، فإنه معروف في قطاع غيار الطائرات أنها تسجل أرقام تعريف الطائرة في كل متر مربع من الغيار، وبالتالي إن وجدت أشلاء فمن الضروري أن تكون مكتوبة أو مختومة عليها أرقام تعريف الطائرة.

المهم أن الجميع يعرف اليوم أن الطائرة لم تسقط إطلاقا في المحيط، لكن الأكثر خطورة هو أن الجميع لا يعلم ما الذي حصل بالضبط، هل يتعلق الأمر بحادث سقوط أم بحادث إسقاط؟ لكن هناك بعض النقط المثيرة التي يمكن أن تقلب موازين الافتراضات في ملف الطائرة المختفية، خصوصا إذا علمنا أن طاقم الطائرة المختفية كان يضم 20 مهندسا آسيويا في تعاقدات مهنية مع المنظومة العسكرية الأمريكية.

أربعة من هؤلاء المهندسين هم صينيون يتوفرون على براءة اختراع خطيرة تتعلق بتطوير منظومة إلكترونية للتحكم عن بعد في أنظمة الطيران الحربي وهم  Peidong Wang        Suzhou  والمهندس Zhijun Chen والمهندس Zhihong Chen  والمهندس Li Ying Suzhou ، وهم مهندسون وضعوا براءة اختراع مع شركة Freescale Semiconductor  التابعة للمجموعة Blackstone لصاحبها Jacolb Rothschild . ومنطقيا فإن موت، أو اختفاء، أربعة مشتركين في براءة الاختراع تعطي للشخص الخامس، وهي الشركة الأمريكية، الحق في التصرف في البراءة بنسبة مائة بالمائة.

أضف إلى ذلك أن الشركة الأمريكية متخصصة في مجالات لها علاقة بالطيران الحربي، أي الاتصالات الجوية الحربية، هندسة أصوات الطيران، أنظمة توجيه القنابل، الحرب الإلكترونية..

هذه الحروب الإلكترونية، وأشهرها حرب إسرائيل وإيران، عرفت أوجها عندما باعت Blackstone لإسرائيل نظاما جد متطور يتحكم في إخفاء معطيات رقمية تخص عمل مفاعلات نووية، وقد تمكنت إيران من إبطال هذه الأنظمة بأنظمة مضادة اقتنتها من الصين.

أما في ما يخص إخفاء الطائرات عن الرادارات، وتحويل مسارها عن بعد إذ يتم الدخول في منظومة WayPoint التي تحدد إحداثيات مسار الطائرات وتشويشه، بحيث يمكن لربان أن يتبع تعليمات مقصورته ويتبع بيانات توجيه مزورة ليجد نفسه في دولة أخرى أو يجد نفسه يهوي بطائرته، التي تتحول إلى قنبلة عابرة للقارات، على مدينة أو على قاعدة عسكرية أو نووية.

وبالتالي فالفرضية الأكثر قربا من الواقع، والتي أكدها «مارك دوغتن» الكاتب الفرنسي، تبقى هي أن الولايات المتحدة الأمريكية لقنت الصين درسا في هذه الجولة الأولى من حربها الإلكترونية ضدها، وأفقدتها «جيشا» من أحسن مهندسيها استعرضت عضلاتها في تملكها لأنظمة إلكترونية خطيرة وجد فعال
وبالرجوع إلى «المسلسل» الذي أدخلت فيه وسائل الإعلام العالمية الرأي العام الدولي منذ البداية في شأن هذه الطائرة، فإنه ليس بريئا إطلاقا أن لا تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية إلا بعد أربعة أيام لتنضم للدول المساعدة في البحث عن الطائرة، فيما بلاغ الأجهزة العسكرية الأمريكية جد محير للجميع، بحيث صرحت وكالة الاستخبارات الأمريكية أن الطائرة، بعد فقدان الاتصال بها نهائيا، استمرت في الإقلاع ست ساعات قبل أن تختفي إطلاقا.

يا للعجب، فقد كانوا هم الوحيدون الذين يعرفون ماذا وقع للطائرة وركابها بعد ست ساعات من الحادث.

ليست هناك تعليقات: