عندما تابعت ما نشرته الصحافة الدولية حول بنعيسى، الفتاة التطوانية التي ظنوا أنها مادلين الطفلة الإنجليزية التي اختفت في البرتغال، قلت في نفسي أن بنعيسى الحقيقية هي هذه الطفلة وليس بنعيسى وزير الخارجية. ففي يوم واحد أصبحت تطوان والمغرب محط أنظار العالم بأسره، وجاء الصحافيون الدوليون إلى تطوان من كل حدب وصوب لكي يتأملوا ملامح هذه الطفلة الشقراء التي خلطوها بالإنجليزية مادلين. وهو الشيء الذي عجز بنعيسى عن تحقيقه طيلة وجوده على رأس وزارة الخارجية. أن يجعل المغرب محط أنظار العالم الخارجي.
والحقيقة أن هذا الشبه الكبير بين الطفلة بنعيسى والطفلة مادلين فتح أعين هؤلاء الأوربيين على مغرب آخر بملامح أخرى لم يكونوا يتوقعون وجودها. فالمغرب في المتخيل الغربي هو إفريقيا السوداء، وكل الذين يستوطنون إفريقيا هم إما سود أو سمر. حتى جاءت صورة الطفلة بنعيسى لكي تثير انتباه هؤلاء الغربيين إلى أن المغرب يوجد فيه الشقر والبيض والسود والسمر والصفر وكل الألوان الطبيعية الأخرى.
وعندما وضعت الصحافة الدولية جانبا وتابعت ما يكتب هذه الأيام في الصحافة المحلية اكتشفت أن الهاروشي وزير التضامن وضع قبل أيام من رحيله عن وزارته خارطة للتسول في المغرب. واكتشف أن مغربيا واحدا بين كل مائة وخمسين مغربيا هو متسول.
ويبدو أن الهاروشي لم يحص كل أولئك المرشحين من الزعماء السياسيين الذين ظلوا طيلة الأسابيع الماضية يتسولون أصوات الناخبين في التلفزيون وفي الساحات العامة، ويطرقون أبواب المواطنين ليستعطفوهم ويمنحوهم شيئا من أصواتهم. لأنه لو أضاف كل هؤلاء إلى خارطته فإنه سيحصل في النهاية على عدد أكبر من المتسولين. غير هوا كلها وطليبو، كاين اللي طالب خبزة وكاين اللي طالب وزارة. وعلى ذكر الوزارة، يتراكم اليوم على مكتب الوزير الأول عباس الفاسي حوالي 300 طلب لشغل منصب وزير.
وهناك تخوف كبير من طرف المراقبين بخصوص إسناد بعض الحقائب الوزارية للأحباب والأصهار والأنساب. خصوصا إذا ما عرفنا أن عباس الفاسي هو صهر زعيم حزب الاستقلال علال الفاسي والذي تربطه به علاقة عمومة. وابنة عباس الفاسي هي زوجة نزار بركة، ابن السفير السابق للمغرب في مدريد، والذي يحمر في حقيبة وزارة الشؤون العامة للحكومة، والذي لم يمنعه تبني حزب الاستقلال لشعار تعريب التعليم من الدراسة في ليسي ديكارت بالرباط، حيث حصل على الباكالوريا بمعدل متوسط. ويبدو أن العائلة الفاسية العباسية أعقد بكثير مما نتصور، فكلما بحثنا فيها عثرنا على جذور جديدة متفرعة في الدولة. وهكذا فمنير الشرايبي الذي كان على رأس صندوق الضمان الاجتماعي والذي يوجد الآن على رأس ولاية مراكش هو ابن أخت عباس الفاسي. كما أن عائلة عباس الفاسي تربطها علاقة مصاهرة مع عائلة الطيب الفاسي الفهري، الوزير المنتدب في الخارجية والتعاون، والذي تربطه علاقة أخوة بعلي الفاسي الفهري المدير العام الوكالة الوطنية للماء الصالح للشرب، والذي بدوره تربطه علاقة زوجية بياسمينة بادو، وزير الأسرة، والتي ليست سوى بنت الراحل محمد بادو عضو اللجنة المركزية لحزب علال الفاسي. أما نسيب عباس الفاسي، محمد الوافا الذي كان سفيرا في الهند ويحمر اليوم في حقيبة وزارية، فليس سوى زوج إحدى بنات الزعيم الراحل علال الفاسي، كما أن طه بلفريج أخ زوجة محمد اليازغي سعدة بلافريج ليس سوى الذراع الأيمن لليازغي في وزارة الماء. وعندما نعود إلى موقع الوزارة في الانترنيت بحثا عن تاريخ تعيين أخ زوجة الوزير نعثر على تاريخ غريب هو 1986، مع أن الجميع يعرف أن المغرب لم تكن لديه وزارة للماء في هذا التاريخ.
لقد انتبه الباحثون الأجانب في التاريخ المغربي المعاصر إلى أهمية العلاقات العائلية في تشكيل النفوذ والحصول على السلطة ورسم التحالفات السياسية، وعلى رأسهم واتربوري. وأحيانا تتشابك هذه العلاقات الدموية بشكل غريب يجعلك تندهش من طريقة تشكلها. ومثلا قد تجهلون أن الدكتور الخطيب مؤسس حزب العدالة والتنمية تربطه علاقة مصاهرة بالجنرال حسني بنسليمان. كما أن الجنرال حسني بنسليمان تربطه علاقة مصاهرة بالوزير الأول السابق كريم العمراني. والشركة التي يسيرها ابن كريم العمراني هي الشركة الوحيدة التي تملك حقوق استيراد وتوزيع ماركة «بي إم دوبلفي» في المغرب، ولهذا ربما لا نستغرب كيف أن كل السيارات والدراجات النارية التي تشتريها القيادة العامة للدرك الملكي، التي يوجد على رأسها الجنرال حسني بنسليمان صهر مالك الشركة، هي من نوع «بي إم دوبلفي».
والجنرال حسني بنسليمان تربطه أيضا علاقة مصاهرة بمولاي إسماعيل العلوي الأمين العام للتقدم والاشتراكية، الحزب الشيوعي سابقا.
وهكذا في المغرب يمكن أن تعثر في عائلة واحدة على الإسلامي والجنرال والشيوعي. كلهم يتعايشون بدون مشاكل رغم اختلافاتهم الإديولوجية وتطاحناتهم السياسية. ولذلك فالحكومة المقبلة ستكون لديها ملامح حكومة عائلية، خصوصا وأننا رأينا كيف غير الزعماء السياسيون عادة عقد اللقاءات في مقراتهم الحزبية بفيلاتهم وإقاماتهم. وخصوصا أيضا عندما نرى زعيما سياسيا كالمحجوبي أحرضان وصل سن ثلاث وتسعين سنة ويريد أن يورث ابنه الحكومة بعده. فقد اقترح أحرضان ابنه في لائحة وزراء حزب الحركة الشعبية على عباس الفاسي. وعباس الفاسي سيجد حرجا في عدم تلبية طلبه، خصوصا وأن عباس يريد أن يمنح نزار بركة زوج ابنته حقيبة وزارية.
وخلال كل هذا الوقت، عندما ينشغل أبناء العائلات الكريمة والعريقة النسب بتوزيع الحقائب على بعضهم البعض، ينشغل الدرك الملكي والأمن الوطني بمداهمة بيوت المواطنين البسطاء في قرية بني صميم ومدينة صفرو بحثا عن مشتبه فيهم.
وفي قرية بني صميم اعتقلوا الناس من فوق موائد الإفطار للتحقيق معهم حول من يحرض السكان على الاحتجاج ضد تفويت مياه العين الوحيدة بالمنطقة لمستثمر فرنسي.
هذه هي العدالة على الطريقة المغربية. الترقيات والمنح والأجور والرخص السنوية كلها أشياء تتأخر في المغرب، وحدها العقوبة تأتي بسرعة وأحيانا قبل وقتها.
والدليل على ذلك ما وقع لشرطي عامل في فرقة المرور بمنطقة أنفا بالدار البيضاء أهداه أحد المسؤولين الأمنيين هدية في هذا الشهر المبارك، وهي توقيف أجرته الشهرية لأنه لم يؤد له التحية الرسمية المعتادة عندما مر بجانبه. فالشرطي كان منهكا من الوقوف لساعات طويلة بمناسبة الزيارة الملكية للدار البيضاء، ولم ينتبه لمرور سعادة العميد.
وفي الوقت الذي يعاقب فيه هذا الشرطي بتوقيف راتبه، تتم مكافأة رئيس فرقة المرور بالدار البيضاء ويرقى إلى رتبة قائد كوماندار، مع أن سعادته سبق خلال الصيف الماضي أن ضبط مع قاصرتين داخل سيارة العمل في طريقهم إلى الجديدة. لكن الرحلة انتهت في المستعجلات بسبب حادثة سير. وعقابا له على مخالفة مغادرة الدار البيضاء بدون رخصة، وتهمة التغرير بقاصر، والسكر العلني، تمت إعادته إلى عمله وترقيته خلال الترقية الأخيرة.
وبعد كل هذا يتساءل الشرقي أضريس المدير العام للأمن الوطني عن سبب رغبة العديد من أطر الشرطة في مغادرة وظائفهم.
الحاصول، لكي يكون لك موقع في هذه البلاد فيجب إما أن تكون ولد شي عائلة صحيحة ولا تكون ولد الحرام
والحقيقة أن هذا الشبه الكبير بين الطفلة بنعيسى والطفلة مادلين فتح أعين هؤلاء الأوربيين على مغرب آخر بملامح أخرى لم يكونوا يتوقعون وجودها. فالمغرب في المتخيل الغربي هو إفريقيا السوداء، وكل الذين يستوطنون إفريقيا هم إما سود أو سمر. حتى جاءت صورة الطفلة بنعيسى لكي تثير انتباه هؤلاء الغربيين إلى أن المغرب يوجد فيه الشقر والبيض والسود والسمر والصفر وكل الألوان الطبيعية الأخرى.
وعندما وضعت الصحافة الدولية جانبا وتابعت ما يكتب هذه الأيام في الصحافة المحلية اكتشفت أن الهاروشي وزير التضامن وضع قبل أيام من رحيله عن وزارته خارطة للتسول في المغرب. واكتشف أن مغربيا واحدا بين كل مائة وخمسين مغربيا هو متسول.
ويبدو أن الهاروشي لم يحص كل أولئك المرشحين من الزعماء السياسيين الذين ظلوا طيلة الأسابيع الماضية يتسولون أصوات الناخبين في التلفزيون وفي الساحات العامة، ويطرقون أبواب المواطنين ليستعطفوهم ويمنحوهم شيئا من أصواتهم. لأنه لو أضاف كل هؤلاء إلى خارطته فإنه سيحصل في النهاية على عدد أكبر من المتسولين. غير هوا كلها وطليبو، كاين اللي طالب خبزة وكاين اللي طالب وزارة. وعلى ذكر الوزارة، يتراكم اليوم على مكتب الوزير الأول عباس الفاسي حوالي 300 طلب لشغل منصب وزير.
وهناك تخوف كبير من طرف المراقبين بخصوص إسناد بعض الحقائب الوزارية للأحباب والأصهار والأنساب. خصوصا إذا ما عرفنا أن عباس الفاسي هو صهر زعيم حزب الاستقلال علال الفاسي والذي تربطه به علاقة عمومة. وابنة عباس الفاسي هي زوجة نزار بركة، ابن السفير السابق للمغرب في مدريد، والذي يحمر في حقيبة وزارة الشؤون العامة للحكومة، والذي لم يمنعه تبني حزب الاستقلال لشعار تعريب التعليم من الدراسة في ليسي ديكارت بالرباط، حيث حصل على الباكالوريا بمعدل متوسط. ويبدو أن العائلة الفاسية العباسية أعقد بكثير مما نتصور، فكلما بحثنا فيها عثرنا على جذور جديدة متفرعة في الدولة. وهكذا فمنير الشرايبي الذي كان على رأس صندوق الضمان الاجتماعي والذي يوجد الآن على رأس ولاية مراكش هو ابن أخت عباس الفاسي. كما أن عائلة عباس الفاسي تربطها علاقة مصاهرة مع عائلة الطيب الفاسي الفهري، الوزير المنتدب في الخارجية والتعاون، والذي تربطه علاقة أخوة بعلي الفاسي الفهري المدير العام الوكالة الوطنية للماء الصالح للشرب، والذي بدوره تربطه علاقة زوجية بياسمينة بادو، وزير الأسرة، والتي ليست سوى بنت الراحل محمد بادو عضو اللجنة المركزية لحزب علال الفاسي. أما نسيب عباس الفاسي، محمد الوافا الذي كان سفيرا في الهند ويحمر اليوم في حقيبة وزارية، فليس سوى زوج إحدى بنات الزعيم الراحل علال الفاسي، كما أن طه بلفريج أخ زوجة محمد اليازغي سعدة بلافريج ليس سوى الذراع الأيمن لليازغي في وزارة الماء. وعندما نعود إلى موقع الوزارة في الانترنيت بحثا عن تاريخ تعيين أخ زوجة الوزير نعثر على تاريخ غريب هو 1986، مع أن الجميع يعرف أن المغرب لم تكن لديه وزارة للماء في هذا التاريخ.
لقد انتبه الباحثون الأجانب في التاريخ المغربي المعاصر إلى أهمية العلاقات العائلية في تشكيل النفوذ والحصول على السلطة ورسم التحالفات السياسية، وعلى رأسهم واتربوري. وأحيانا تتشابك هذه العلاقات الدموية بشكل غريب يجعلك تندهش من طريقة تشكلها. ومثلا قد تجهلون أن الدكتور الخطيب مؤسس حزب العدالة والتنمية تربطه علاقة مصاهرة بالجنرال حسني بنسليمان. كما أن الجنرال حسني بنسليمان تربطه علاقة مصاهرة بالوزير الأول السابق كريم العمراني. والشركة التي يسيرها ابن كريم العمراني هي الشركة الوحيدة التي تملك حقوق استيراد وتوزيع ماركة «بي إم دوبلفي» في المغرب، ولهذا ربما لا نستغرب كيف أن كل السيارات والدراجات النارية التي تشتريها القيادة العامة للدرك الملكي، التي يوجد على رأسها الجنرال حسني بنسليمان صهر مالك الشركة، هي من نوع «بي إم دوبلفي».
والجنرال حسني بنسليمان تربطه أيضا علاقة مصاهرة بمولاي إسماعيل العلوي الأمين العام للتقدم والاشتراكية، الحزب الشيوعي سابقا.
وهكذا في المغرب يمكن أن تعثر في عائلة واحدة على الإسلامي والجنرال والشيوعي. كلهم يتعايشون بدون مشاكل رغم اختلافاتهم الإديولوجية وتطاحناتهم السياسية. ولذلك فالحكومة المقبلة ستكون لديها ملامح حكومة عائلية، خصوصا وأننا رأينا كيف غير الزعماء السياسيون عادة عقد اللقاءات في مقراتهم الحزبية بفيلاتهم وإقاماتهم. وخصوصا أيضا عندما نرى زعيما سياسيا كالمحجوبي أحرضان وصل سن ثلاث وتسعين سنة ويريد أن يورث ابنه الحكومة بعده. فقد اقترح أحرضان ابنه في لائحة وزراء حزب الحركة الشعبية على عباس الفاسي. وعباس الفاسي سيجد حرجا في عدم تلبية طلبه، خصوصا وأن عباس يريد أن يمنح نزار بركة زوج ابنته حقيبة وزارية.
وخلال كل هذا الوقت، عندما ينشغل أبناء العائلات الكريمة والعريقة النسب بتوزيع الحقائب على بعضهم البعض، ينشغل الدرك الملكي والأمن الوطني بمداهمة بيوت المواطنين البسطاء في قرية بني صميم ومدينة صفرو بحثا عن مشتبه فيهم.
وفي قرية بني صميم اعتقلوا الناس من فوق موائد الإفطار للتحقيق معهم حول من يحرض السكان على الاحتجاج ضد تفويت مياه العين الوحيدة بالمنطقة لمستثمر فرنسي.
هذه هي العدالة على الطريقة المغربية. الترقيات والمنح والأجور والرخص السنوية كلها أشياء تتأخر في المغرب، وحدها العقوبة تأتي بسرعة وأحيانا قبل وقتها.
والدليل على ذلك ما وقع لشرطي عامل في فرقة المرور بمنطقة أنفا بالدار البيضاء أهداه أحد المسؤولين الأمنيين هدية في هذا الشهر المبارك، وهي توقيف أجرته الشهرية لأنه لم يؤد له التحية الرسمية المعتادة عندما مر بجانبه. فالشرطي كان منهكا من الوقوف لساعات طويلة بمناسبة الزيارة الملكية للدار البيضاء، ولم ينتبه لمرور سعادة العميد.
وفي الوقت الذي يعاقب فيه هذا الشرطي بتوقيف راتبه، تتم مكافأة رئيس فرقة المرور بالدار البيضاء ويرقى إلى رتبة قائد كوماندار، مع أن سعادته سبق خلال الصيف الماضي أن ضبط مع قاصرتين داخل سيارة العمل في طريقهم إلى الجديدة. لكن الرحلة انتهت في المستعجلات بسبب حادثة سير. وعقابا له على مخالفة مغادرة الدار البيضاء بدون رخصة، وتهمة التغرير بقاصر، والسكر العلني، تمت إعادته إلى عمله وترقيته خلال الترقية الأخيرة.
وبعد كل هذا يتساءل الشرقي أضريس المدير العام للأمن الوطني عن سبب رغبة العديد من أطر الشرطة في مغادرة وظائفهم.
الحاصول، لكي يكون لك موقع في هذه البلاد فيجب إما أن تكون ولد شي عائلة صحيحة ولا تكون ولد الحرام