أغلب زعماء الأحزاب السياسية رأوا في تعيين عباس الفاسي وزيرا أول عودة للمنهجية الديمقراطية. هناك من قال أن تعيين عباس على رأس الوزارة الأولى شيء لا يهمه، مثل محمد مجاهد زعيم اليسار الاشتراكي الموحد. وهناك من أخرج عينيه وعوض أن يعطي رأيه في تعيين عباس قال أنه لن يتنازل عن حصته من الحقائب الوزارية، مثل المنصوري زعيم الأحرار. فحزبه قد حصل على 22 بالمائة من مقاعد الأغلبية ويجب أن يحصل على جطو. العنصر زعيم الحركيين قال أن عباس يجب أن يأخذ في الاعتبار التوازنات البرلمانية. يعني «كول وقيس»، وعنداك تنسى راه حنا هنا.
أما العدالة والتنمية فظهروا كمن يريد تسبيق العرس بليلة، وبدؤوا يتحدثون عن إمكانية تخلي عباس عن اليازغي وحزبه وقلب وجهه باتجاه العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة.
وحده محمد اليازغي زعيم الاشتراكيين المكردعين في الانتخابات لم يعلق بكلمة واحدة على تعيين زميله في الكتلة وزيرا أول والتزم الصمت. حتى أنه لم يبارك له عيد ميلاده، فعباس الفاسي يطفئ اليوم شمعته السابعة والستين، وقد كانت هدية القصر لعباس بمناسبة عيد ميلاده حقيبة وزارية من الدرجة الأولى.
سنة حلوة يا كميل، تاكل الحلوى الحكومية اليوم وغدا وبعدو، وعين الحسود فيها عود.
والحقيقة أن عباس الفاسي رجل محظوظ ومرضي الوالدين (حنا اللي مساخيط)، فليس هناك في العالم رجل تلقى في عيد ميلاده وزارة أولى كهدية. ربما لأنه رجل مؤمن، والدليل على ذلك هو أن أوراق الدعاية التي وزع في إقليم العرائش كانت تحمل كلها آية كريمة من سورة هود، التي تأتي بالمناسبة مباشرة بعد قصة قوم لوط، يقول فيها الله عز وجل على لسان رسوله «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب».
وعباس الفاسي الذي قدم نفسه في العرائش خلال الانتخابات كرسول الحزب الذي يتعهد أمام الله وأمام السكان بالاستمرار في جلب المشاريع إلى العرائش (كما لو أنه جلبها في السابق)، لم يحصل في مكاتب تصويت العرائش المدينة سوى على أوراق معدودة ويتيمة. وعندما بدأ مراقبو المكاتب يحصون أصوات المرشحين وجدوا أن 5642 صوتا التي حصل عليها عباس كانت أغلبها قادمة من صناديق مناطق قروية نائية بإقليم العرائش، وخصوصا منطقة بعينها لم يستطع أي من وكلاء اللوائح أن يضعوا فيها مراقبين.
المضحك في فوز عباس الفاسي في العرائش هو أنه احتل المركز الأخير ولم تتجاوز نسبة فوزه سوى تسعة بالمائة من الأصوات مقابل 36 بالمائة للعدالة والتنمية و12 بالمائة للأحرار. وهذا يعني أن عباس فقد بالمقارنة مع الانتخابات السابقة أكثر من عشرة آلاف صوت. عشرة آلاف مواطن فقدوا ثقتهم في عباس الفاسي في ظرف خمس سنوات. ومع ذلك يعتبر حزب الاستقلال أن فوز زعيمهم كان انتصارا عظيما يعيد الثقة للمغاربة في المستقبل ويستحق عليه منصب الوزير الأول.
الآن المشكلة ليست هي أن عباس أصبح وزيرا أول، بل هي أنه سيعيد إلى الحكومة وجوها استقلالية أقصتها حكومة جطو لصالح وجوه شابة لا علاقة لها بالحزب سوى ريحة الشحمة فالشاقور. وهؤلاء الذين ظلوا يتغددون على الوزارة طيلة خمس سنوات، يريدون اليوم حقائبهم. وعلى رأسهم السي محمد خليفة، الذي يردد هذه الأيام أن فشله في الحصول على مقعد في البرلمان لن يشكل بالنسبة إليه أي عقدة تمنعه من المطالبة بوزارة.
وهذا طبعا من حقه، فالمغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي يمكن أن يسقطك فيه الشعب في الانتخابات ومع ذلك يأتي الوزير الأول وينصبك في الحكومة.
هناك بالإضافة إلى محمد الخليفة ومحمد العربي المساري وآخرين، هناك الأبناء والأصهار. فحزب الاستقلال لديه شعار سري اشتغل به دائما هو الأسرة أولا والفاسيين ثانيا والحزب ثالثا والوطن أخيرا. وداخل كواليس الحزب يروج منذ مدة اسم نزار بركة، زوج ابنة عباس الفاسي. وهناك من يقول أنه يحمر في حقيبة وزارة المالية منذ زمان، وآخرون يقولون أن عباس يريد أن يوفره لمنصب وزير الشؤون العامة للحكومة، وهو المنصب الذي كان يحتله الحليمي قبل أن يتحول إلى المندوبية السامية للتخطيط حيث يهز الخط للعمل الحكومي. أما واحد ياسمينة بادو فيبدو أنها تعبت من العمل الحكومي والتصبيح كل يوم على شعارات المعوقين أمام باب وزارتها في الرباط، ولم تعد تطمع سوى فشي سفارة. ولشدة ولع ياسمينة الوزيرة الضاحكة بالأثواب فيمكن أن نقترح على عباس أن يرسلها إلى الهند مكان السفير محمد الوفا، زوج أخت زوجة عباس.
فالعائلة الاستقلالية شيء مقدس في أدبيات حزب الاستقلال. ولولا انتساب عادل الدويري لوزير سابق وانتساب كريم غلاب لعائلة عريقة في الحزب وكون ياسمينة بادو هي ابنة بادو وزير العدل السابق، وكون توفيق حجيرة هو ابن حجيرة الوزير السابق أيضا، لما قبل عباس الفاسي وضع أسمائهم في اللائحة التي قدمها إلى جطو لتشكيل حكومة 2002. ولعل الجميع لازال يتذكر عندما غضب وزير السياحة عادل الدويري في البرلمان عندما سأله أحد نواب المعارضة بخصوص صفقة ذكر فيها اسم زوجته، فقال له أنه وزير وابن وزير وجده كان وزيرا، وأنه يجب أن يعامل بالاحترام الواجب للوزراء أبناء الوزراء.
والمرجح أن عباس الفاسي سيجد صعوبة كبيرة في تقسيم الكعكة الحكومية على الجميع بالتساوي. خصوصا وأنه قال في آخر حوار له مع إحدى الأسبوعيات الاقتصادية أن الحكومة المقبلة لن يكون عدد الحقائب بها كبيرا، ولن يتعدى عدد الوزراء فيها خمسة وعشرين وزيرا على الأكثر.
زعما بحال إلى 25 ماشي بزاف.
لكن الملف الشائك والصعب الذي يمكن أن يدمي أصابع عباس هو ملف الخارجية، وخصوصا العلاقة مع الجيران الإسبان. فرغم التهنئة التي توصل بها عباس من ماريانو راخوي زعيم الحزب الشعبي ومن رئيس الحكومة الإسبانية، فإن مدريد لم تنس أن حزب الاستقلال طالب ذات يوم الرباط عبر جريدة الحزب بدعم الانفصاليين في الشمال ومنظمة إيطا الباسكية، ردا على دعم مدريد لانفصاليي البوليساريو. وقد أحدث المقال الذي وقعه عبد الكريم غلاب المدير السابق لجريدة العلم رجة دبلوماسية قوية آنذاك.
كما أن موقف حزب الاستقلال من احتلال سبتة ومليلية والجزر الجعفرية واضح ولا غبار عليه. وقد كان الحزب يطالب أيضا باستعادة موريتانيا التي كانت تدخل ضمن التراب المغربي ولم يعترف باستقلالها إلى الآن. وفي إحدى جلسات البرلمان الأخير طالب أحد النواب الاستقلاليين باسترجاع الصحراء، لكن الشرقية على الحدود مع الجزائر. فهل سيبقى حزب الاستقلال ثابتا على مطالبه الوطنية أم أنه سيغيرها عند الطلب.
أحد الذين سألناهم في الشارع عن رأيه في تعيين عباس الفاسي وزيرا أول، سألنا مندهشا عند سماعه للسؤال :
- علاه شكون اللي جا الأول فالانتخابات ؟
- حزب الاستقلال...
- هيا المغرب معاود العام وصافي...
أما العدالة والتنمية فظهروا كمن يريد تسبيق العرس بليلة، وبدؤوا يتحدثون عن إمكانية تخلي عباس عن اليازغي وحزبه وقلب وجهه باتجاه العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة.
وحده محمد اليازغي زعيم الاشتراكيين المكردعين في الانتخابات لم يعلق بكلمة واحدة على تعيين زميله في الكتلة وزيرا أول والتزم الصمت. حتى أنه لم يبارك له عيد ميلاده، فعباس الفاسي يطفئ اليوم شمعته السابعة والستين، وقد كانت هدية القصر لعباس بمناسبة عيد ميلاده حقيبة وزارية من الدرجة الأولى.
سنة حلوة يا كميل، تاكل الحلوى الحكومية اليوم وغدا وبعدو، وعين الحسود فيها عود.
والحقيقة أن عباس الفاسي رجل محظوظ ومرضي الوالدين (حنا اللي مساخيط)، فليس هناك في العالم رجل تلقى في عيد ميلاده وزارة أولى كهدية. ربما لأنه رجل مؤمن، والدليل على ذلك هو أن أوراق الدعاية التي وزع في إقليم العرائش كانت تحمل كلها آية كريمة من سورة هود، التي تأتي بالمناسبة مباشرة بعد قصة قوم لوط، يقول فيها الله عز وجل على لسان رسوله «إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب».
وعباس الفاسي الذي قدم نفسه في العرائش خلال الانتخابات كرسول الحزب الذي يتعهد أمام الله وأمام السكان بالاستمرار في جلب المشاريع إلى العرائش (كما لو أنه جلبها في السابق)، لم يحصل في مكاتب تصويت العرائش المدينة سوى على أوراق معدودة ويتيمة. وعندما بدأ مراقبو المكاتب يحصون أصوات المرشحين وجدوا أن 5642 صوتا التي حصل عليها عباس كانت أغلبها قادمة من صناديق مناطق قروية نائية بإقليم العرائش، وخصوصا منطقة بعينها لم يستطع أي من وكلاء اللوائح أن يضعوا فيها مراقبين.
المضحك في فوز عباس الفاسي في العرائش هو أنه احتل المركز الأخير ولم تتجاوز نسبة فوزه سوى تسعة بالمائة من الأصوات مقابل 36 بالمائة للعدالة والتنمية و12 بالمائة للأحرار. وهذا يعني أن عباس فقد بالمقارنة مع الانتخابات السابقة أكثر من عشرة آلاف صوت. عشرة آلاف مواطن فقدوا ثقتهم في عباس الفاسي في ظرف خمس سنوات. ومع ذلك يعتبر حزب الاستقلال أن فوز زعيمهم كان انتصارا عظيما يعيد الثقة للمغاربة في المستقبل ويستحق عليه منصب الوزير الأول.
الآن المشكلة ليست هي أن عباس أصبح وزيرا أول، بل هي أنه سيعيد إلى الحكومة وجوها استقلالية أقصتها حكومة جطو لصالح وجوه شابة لا علاقة لها بالحزب سوى ريحة الشحمة فالشاقور. وهؤلاء الذين ظلوا يتغددون على الوزارة طيلة خمس سنوات، يريدون اليوم حقائبهم. وعلى رأسهم السي محمد خليفة، الذي يردد هذه الأيام أن فشله في الحصول على مقعد في البرلمان لن يشكل بالنسبة إليه أي عقدة تمنعه من المطالبة بوزارة.
وهذا طبعا من حقه، فالمغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي يمكن أن يسقطك فيه الشعب في الانتخابات ومع ذلك يأتي الوزير الأول وينصبك في الحكومة.
هناك بالإضافة إلى محمد الخليفة ومحمد العربي المساري وآخرين، هناك الأبناء والأصهار. فحزب الاستقلال لديه شعار سري اشتغل به دائما هو الأسرة أولا والفاسيين ثانيا والحزب ثالثا والوطن أخيرا. وداخل كواليس الحزب يروج منذ مدة اسم نزار بركة، زوج ابنة عباس الفاسي. وهناك من يقول أنه يحمر في حقيبة وزارة المالية منذ زمان، وآخرون يقولون أن عباس يريد أن يوفره لمنصب وزير الشؤون العامة للحكومة، وهو المنصب الذي كان يحتله الحليمي قبل أن يتحول إلى المندوبية السامية للتخطيط حيث يهز الخط للعمل الحكومي. أما واحد ياسمينة بادو فيبدو أنها تعبت من العمل الحكومي والتصبيح كل يوم على شعارات المعوقين أمام باب وزارتها في الرباط، ولم تعد تطمع سوى فشي سفارة. ولشدة ولع ياسمينة الوزيرة الضاحكة بالأثواب فيمكن أن نقترح على عباس أن يرسلها إلى الهند مكان السفير محمد الوفا، زوج أخت زوجة عباس.
فالعائلة الاستقلالية شيء مقدس في أدبيات حزب الاستقلال. ولولا انتساب عادل الدويري لوزير سابق وانتساب كريم غلاب لعائلة عريقة في الحزب وكون ياسمينة بادو هي ابنة بادو وزير العدل السابق، وكون توفيق حجيرة هو ابن حجيرة الوزير السابق أيضا، لما قبل عباس الفاسي وضع أسمائهم في اللائحة التي قدمها إلى جطو لتشكيل حكومة 2002. ولعل الجميع لازال يتذكر عندما غضب وزير السياحة عادل الدويري في البرلمان عندما سأله أحد نواب المعارضة بخصوص صفقة ذكر فيها اسم زوجته، فقال له أنه وزير وابن وزير وجده كان وزيرا، وأنه يجب أن يعامل بالاحترام الواجب للوزراء أبناء الوزراء.
والمرجح أن عباس الفاسي سيجد صعوبة كبيرة في تقسيم الكعكة الحكومية على الجميع بالتساوي. خصوصا وأنه قال في آخر حوار له مع إحدى الأسبوعيات الاقتصادية أن الحكومة المقبلة لن يكون عدد الحقائب بها كبيرا، ولن يتعدى عدد الوزراء فيها خمسة وعشرين وزيرا على الأكثر.
زعما بحال إلى 25 ماشي بزاف.
لكن الملف الشائك والصعب الذي يمكن أن يدمي أصابع عباس هو ملف الخارجية، وخصوصا العلاقة مع الجيران الإسبان. فرغم التهنئة التي توصل بها عباس من ماريانو راخوي زعيم الحزب الشعبي ومن رئيس الحكومة الإسبانية، فإن مدريد لم تنس أن حزب الاستقلال طالب ذات يوم الرباط عبر جريدة الحزب بدعم الانفصاليين في الشمال ومنظمة إيطا الباسكية، ردا على دعم مدريد لانفصاليي البوليساريو. وقد أحدث المقال الذي وقعه عبد الكريم غلاب المدير السابق لجريدة العلم رجة دبلوماسية قوية آنذاك.
كما أن موقف حزب الاستقلال من احتلال سبتة ومليلية والجزر الجعفرية واضح ولا غبار عليه. وقد كان الحزب يطالب أيضا باستعادة موريتانيا التي كانت تدخل ضمن التراب المغربي ولم يعترف باستقلالها إلى الآن. وفي إحدى جلسات البرلمان الأخير طالب أحد النواب الاستقلاليين باسترجاع الصحراء، لكن الشرقية على الحدود مع الجزائر. فهل سيبقى حزب الاستقلال ثابتا على مطالبه الوطنية أم أنه سيغيرها عند الطلب.
أحد الذين سألناهم في الشارع عن رأيه في تعيين عباس الفاسي وزيرا أول، سألنا مندهشا عند سماعه للسؤال :
- علاه شكون اللي جا الأول فالانتخابات ؟
- حزب الاستقلال...
- هيا المغرب معاود العام وصافي...
هناك تعليق واحد:
ألم يقل لك أحد أنت عنصري عديم الأخلاق . أنا أقولها لك وعفى الله على الصحافة من أمثالك
إرسال تعليق