في برنامج كلمات متقاطعة الذي تبثه القناة الثانية، الفرنسية طبعا، كان أغلب ضيوف البرنامج متفقين حول شيء واحد، وهو التقليل من المصاريف الحكومية وتشديد المراقبة الصارمة على كل فلس يتم صرفه من المال العمومي. وقبل أسبوع من اليوم قال الوزير الأول، الفرنسي طبعا، أن فرنسا توجد على حافة الإفلاس. فهل ستكون للوزير الأول عباس الجرأة لكي يعترف بأنه تسلم قيادة حكومة ستكون مشكلة من ثلاثين وزيرا في بلاد توجد على حافة الإفلاس. لا أعتقد أنه سيملك ذرة واحدة من الشجاعة ليعترف بهذه الحقيقة المخيفة. بل بالعكس، سيستمر في مشاوراته مع الأحزاب التي تريد كلها أكثر ما يمكن من الحقائب. وعندما تسألهم لماذا يريدون كلهم دخول الحكومة يجيبونك بأن مصلحة المغرب تقتضي منهم هذه التضحية. أحرضان يريد أن يضحي بابنه من أجل المغرب ورشحه لوزارة الطاقة والمعادن. عباس الفاسي يريد التضحية بزوج ابنته ورشحه لمنصب وزارة الشؤون العامة للحكومة. اليازغي ضحى بالحزب كله من أجل مصلحة المغرب، ولا يزال يتصارع مع عباس على حقيبة إضافية لكي يصل إلى خمس حقائب، خمسة وخميس فعين الحساد.
إن أي شخص قلت له في الخارج بأن المغرب ستكون لديه حكومة من ثلاثين وزيرا يندهش ويقول لك أن هذه الحكومة ستكون مكلفة جدا بالنسبة إلى موازنة الدولة المالية. فحتى الدوال التي لديها عضوية في نادي الأغنياء كفرنسا لا تستطيع ميزانيتها تحمل مصاريف حكومة من ثلاثين وزيرا. ولذلك تكتفي بخمسة عشر وزيرا.
إنهم عندنا يفضلون إعطاء الدروس في التقشف فقط للمواطنين، بحيث يحرمونهم من الخدمات الأساسية بحجة ضعف الميزانية، أما عندما يتعلق الأمر بالحكومة فتصبح يد الدولة مثقوبة وتصاب بالكرم بحيث لا تعرف يدها اليمنى ما تصرفه يدها اليسرى.
كانت أمام الملك فرصة تاريخية لكي يطلب من عباس الفاسي تشكيل حكومة مصغرة لا يتعدى عدد وزرائها خمسة عشر وزيرا، هكذا سيفهم المغاربة بأن هناك رغبة حقيقية في التغيير، وأن الحكومة لم تعد ضيعة للأحزاب يسمنون فيها وزراءهم لخمس سنوات كاملة، قبل أن يورثوها لأبنائهم وأصهارهم من بعدهم. لكن الفرصة مرت وسنرى أمامنا حكومة يتعدى عدد وزرائها وزراء الصين التي يصل تعداد سكانها إلى مليار ونصف نسمة.
لو كانت لدي سلطة القرار لأصدرت قانونا ماليا جديدا ينص على تقليص رواتب الوزراء إلى النصف، وتغيير سياراتهم الفارهة بسيارة لوغان المحلية الصنع، ولشددت المراقبة على مصاريفهم اليومية بشكل يجعلهم مجبرين على تبرير كل درهم يصرفونه من أموال دافعي الضرائب. وبعد ذلك سنرى هل سيتهافتون كلهم بهذه الطريقة الشرهة على الحقائب الوزارية دفاعا عن مصلحة المغرب، أم أنهم سيعتذرون ويسحبون ملفات ترشيحهم.
عندما يتم تطبيق مثل هذه القوانين الصارمة في المراقبة لن يستطيع سكرتير دولة في التشغيل والتكوين المهني كالسيد أولباشا أن يرمي الأقلام في وجه السكرتيرة التي جلبتها له لكي يوقع بها على الوثائق في اليوم التالي لتعيينه، لأنه سيخاف من طلب اقتناء قلم «مون بلان» الذي يصل ثمنه إلى خمسة آلاف درهم، خصوصا إذا كان يعرف أن مراقب المالية سيكون صارما في محاسباته.
وزراء في حكومة مثل حكومة عباس وفي بلد فقير وغارق في الديون كالمغرب يجب أن يوقعوا بستيلو بيك، وأن يستحضروا حالة العوز التي يوجد فيها المغرب اليوم. عليهم أن يذهبوا في رحلة قصيرة إلى هولندا لكي يروا وزراء الحكومة الهولندية يتحركون بالدراجات الهوائية.
وأن يتأملوا جيدا تلك القصة المعروفة بـ«أزمة الشوكولاته» حين أقدمت وزيرة في الحكومة السويدية على اقتناء قطعة شوكولاته ثمنها لا يتعدى عشرين درهما بالبطاقة البنكية التي تمنحها لها الدولة فضبطها أحد الصحافيين ونشر الخبر في الغد، فانهار الائتلاف الحكومي بعد أن قدمت الوزيرة استقالتها بسبب هذه الفضيحة. فعند هؤلاء الديمقراطيين من يسمح لنفسه بسرقة عشرين درهما من أموال الشعب يستطيع أن يسرق عشرين مليارا أيضا.
إن الذين يتبجحون بالقول اليوم أنهم يتسابقون لدخول الحكومة من أجل مصلحة الشعب، إنما يخادعون أنفسهم فقط، لأن الشعب عاق وفاق ويعرف أن مصلحته توجد في حكومة وطنية بوزراء انتحاريين لا يطمعون في الجلوس على الكرسي والخلود فيه، وزراء يعطون المثال
للشعب في الحرص على أمواله وفي خدمة الصالح العام. وزراء تكون لديهم الأنفة والكرامة لكي يقدموا استقالتهم عندما يرون أن هناك من يقرر بالنيابة عنهم في وزاراتهم. وزراء ذمتهم نظيفة يقبلون بالتصريح بممتلكاتهم قبل أن يتسلموا الحقيبة، ويغادرون الحكومة كما دخلوا إليها دون أن تصبح لديهم ضيعات وشركات ومصانع وأساطيل في أعالي البحار.
ومادام أن هذا النوع من الوزراء غير متوفر اليوم في المغرب فسيظل المغاربة يائسين من حكوماتهم المتعاقبة. مشيحين بوجوههم عن الانتخابات وعازفين عن السياسة.
ولكي يعرف عباس الفاسي ما ينتظره خلال الأشهر القادمة عليه أن يشعل تلفزيون المغاربة الجديد، وأن يذهب إلى موقع يوتوب ويتفرج على تسجيل لسكان قرية تيلمي بوارزازات الذين قاطعوا الانتخابات جميعهم. طبعا فالتلفزيون الرسمي لم ينقل صوتهم ومعاناتهم، ولكن تلفزيون المغاربة الجديد يوتوب نقلها من أولها إلى آخرها. وبما أن عباس ماعندوش مع التكنولوجيا فليسمح لنا ان ننقل إليه صوت هذا المغرب المنسي في «أقسى» الجنوب. يقول أحد السكان :
- أبقانا الله أمازيغيين أحرار. لقد عانى أجدادنا وها نحن على دربهم في سنة 2007 وعلى مقربة من 2008. الآن فطنتم إلى لعبتهم، فقد علمتنا المعاناة، قفوا بشجاعة ولا تصدقوا أكاذيبهم. نحن هنا ننتظر لجنة لنتحاور معها لكي نستفيد من حقوقنا ونفرض أنفسنا في هذا الدستور. نريد أن يعترف بهويتنا الأمازيغية...
هنا يقاطعه رجل آخر ويقول :
- لقد نقص مستوى عيشنا على ما كنا عليه أثناء الاستعمار. كان قبطان الاستعمار يأتي من أمسمرير (مركز المنطقة) إلى هنا في تيلمي وهذه الطريق كانت من أيام الاستعمار، لم نر أي شيء جديد بل نقص كل شيء. من أراد أن يتزوج أو يطلق لابد له أن يذهب إلى قلعة مكونة وعندما نود السفر فلابد أن نستيقظ في الثانية ليلا كي نذهب إلى وارزازات. أليس من الأجدر أن المسؤول هو من يأتي وليس المواطن هو الذي يذهب إليه حيث يكون.
اللهم إن هذا منكر، ليس هناك مفهوم للاستقلال لدينا. ليست هناك طرق وتعرضنا للفيضانات وليس هناك غير الوعود الكاذبة. فلا نرى أي مسؤول هنا، ضاع أبناؤنا أما نحن فقد تجاوزنا الخمسين ولم يسبق لنا أن استفدنا من أي شيء. يقولون أنه في 2010 سوف يكون المغرب مجهزا نحن هنا منذ 1901 ورأينا كل أشكال المعاناة. وقالوا أيضا أنه في شهر يوليوز سوف تعبد الطريق لكن أين هذه الطريق، لقد
اعتبرونا متخلفين ولا نعلم أي شيء.
وهنا يأتي أحد المحتجين بفتاة يظهر في رأسها جرح غائر ويقاطعه قائلا :
- أين الطبيب الذي سيعالج هذه الفتاة ؟ تريدون أن نصوت ونحن نعيش في الظلم ؟
لماذا لا يوجد طبيب يعالج هذه الفتاة ؟
وأنت سيد عباس الفاسي، الغارق في البحث عن ثلاثين وزيرا، هل تعرف أن سكان هذه القرية يريدون فقط طبيبا واحدا يعالج مرضاهم وجرحاهم. خذوا كل الحقائب التي تريدون وأرسلوا إلى قرية تيلمي طبيبا واحدا لا غير...
إن أي شخص قلت له في الخارج بأن المغرب ستكون لديه حكومة من ثلاثين وزيرا يندهش ويقول لك أن هذه الحكومة ستكون مكلفة جدا بالنسبة إلى موازنة الدولة المالية. فحتى الدوال التي لديها عضوية في نادي الأغنياء كفرنسا لا تستطيع ميزانيتها تحمل مصاريف حكومة من ثلاثين وزيرا. ولذلك تكتفي بخمسة عشر وزيرا.
إنهم عندنا يفضلون إعطاء الدروس في التقشف فقط للمواطنين، بحيث يحرمونهم من الخدمات الأساسية بحجة ضعف الميزانية، أما عندما يتعلق الأمر بالحكومة فتصبح يد الدولة مثقوبة وتصاب بالكرم بحيث لا تعرف يدها اليمنى ما تصرفه يدها اليسرى.
كانت أمام الملك فرصة تاريخية لكي يطلب من عباس الفاسي تشكيل حكومة مصغرة لا يتعدى عدد وزرائها خمسة عشر وزيرا، هكذا سيفهم المغاربة بأن هناك رغبة حقيقية في التغيير، وأن الحكومة لم تعد ضيعة للأحزاب يسمنون فيها وزراءهم لخمس سنوات كاملة، قبل أن يورثوها لأبنائهم وأصهارهم من بعدهم. لكن الفرصة مرت وسنرى أمامنا حكومة يتعدى عدد وزرائها وزراء الصين التي يصل تعداد سكانها إلى مليار ونصف نسمة.
لو كانت لدي سلطة القرار لأصدرت قانونا ماليا جديدا ينص على تقليص رواتب الوزراء إلى النصف، وتغيير سياراتهم الفارهة بسيارة لوغان المحلية الصنع، ولشددت المراقبة على مصاريفهم اليومية بشكل يجعلهم مجبرين على تبرير كل درهم يصرفونه من أموال دافعي الضرائب. وبعد ذلك سنرى هل سيتهافتون كلهم بهذه الطريقة الشرهة على الحقائب الوزارية دفاعا عن مصلحة المغرب، أم أنهم سيعتذرون ويسحبون ملفات ترشيحهم.
عندما يتم تطبيق مثل هذه القوانين الصارمة في المراقبة لن يستطيع سكرتير دولة في التشغيل والتكوين المهني كالسيد أولباشا أن يرمي الأقلام في وجه السكرتيرة التي جلبتها له لكي يوقع بها على الوثائق في اليوم التالي لتعيينه، لأنه سيخاف من طلب اقتناء قلم «مون بلان» الذي يصل ثمنه إلى خمسة آلاف درهم، خصوصا إذا كان يعرف أن مراقب المالية سيكون صارما في محاسباته.
وزراء في حكومة مثل حكومة عباس وفي بلد فقير وغارق في الديون كالمغرب يجب أن يوقعوا بستيلو بيك، وأن يستحضروا حالة العوز التي يوجد فيها المغرب اليوم. عليهم أن يذهبوا في رحلة قصيرة إلى هولندا لكي يروا وزراء الحكومة الهولندية يتحركون بالدراجات الهوائية.
وأن يتأملوا جيدا تلك القصة المعروفة بـ«أزمة الشوكولاته» حين أقدمت وزيرة في الحكومة السويدية على اقتناء قطعة شوكولاته ثمنها لا يتعدى عشرين درهما بالبطاقة البنكية التي تمنحها لها الدولة فضبطها أحد الصحافيين ونشر الخبر في الغد، فانهار الائتلاف الحكومي بعد أن قدمت الوزيرة استقالتها بسبب هذه الفضيحة. فعند هؤلاء الديمقراطيين من يسمح لنفسه بسرقة عشرين درهما من أموال الشعب يستطيع أن يسرق عشرين مليارا أيضا.
إن الذين يتبجحون بالقول اليوم أنهم يتسابقون لدخول الحكومة من أجل مصلحة الشعب، إنما يخادعون أنفسهم فقط، لأن الشعب عاق وفاق ويعرف أن مصلحته توجد في حكومة وطنية بوزراء انتحاريين لا يطمعون في الجلوس على الكرسي والخلود فيه، وزراء يعطون المثال
للشعب في الحرص على أمواله وفي خدمة الصالح العام. وزراء تكون لديهم الأنفة والكرامة لكي يقدموا استقالتهم عندما يرون أن هناك من يقرر بالنيابة عنهم في وزاراتهم. وزراء ذمتهم نظيفة يقبلون بالتصريح بممتلكاتهم قبل أن يتسلموا الحقيبة، ويغادرون الحكومة كما دخلوا إليها دون أن تصبح لديهم ضيعات وشركات ومصانع وأساطيل في أعالي البحار.
ومادام أن هذا النوع من الوزراء غير متوفر اليوم في المغرب فسيظل المغاربة يائسين من حكوماتهم المتعاقبة. مشيحين بوجوههم عن الانتخابات وعازفين عن السياسة.
ولكي يعرف عباس الفاسي ما ينتظره خلال الأشهر القادمة عليه أن يشعل تلفزيون المغاربة الجديد، وأن يذهب إلى موقع يوتوب ويتفرج على تسجيل لسكان قرية تيلمي بوارزازات الذين قاطعوا الانتخابات جميعهم. طبعا فالتلفزيون الرسمي لم ينقل صوتهم ومعاناتهم، ولكن تلفزيون المغاربة الجديد يوتوب نقلها من أولها إلى آخرها. وبما أن عباس ماعندوش مع التكنولوجيا فليسمح لنا ان ننقل إليه صوت هذا المغرب المنسي في «أقسى» الجنوب. يقول أحد السكان :
- أبقانا الله أمازيغيين أحرار. لقد عانى أجدادنا وها نحن على دربهم في سنة 2007 وعلى مقربة من 2008. الآن فطنتم إلى لعبتهم، فقد علمتنا المعاناة، قفوا بشجاعة ولا تصدقوا أكاذيبهم. نحن هنا ننتظر لجنة لنتحاور معها لكي نستفيد من حقوقنا ونفرض أنفسنا في هذا الدستور. نريد أن يعترف بهويتنا الأمازيغية...
هنا يقاطعه رجل آخر ويقول :
- لقد نقص مستوى عيشنا على ما كنا عليه أثناء الاستعمار. كان قبطان الاستعمار يأتي من أمسمرير (مركز المنطقة) إلى هنا في تيلمي وهذه الطريق كانت من أيام الاستعمار، لم نر أي شيء جديد بل نقص كل شيء. من أراد أن يتزوج أو يطلق لابد له أن يذهب إلى قلعة مكونة وعندما نود السفر فلابد أن نستيقظ في الثانية ليلا كي نذهب إلى وارزازات. أليس من الأجدر أن المسؤول هو من يأتي وليس المواطن هو الذي يذهب إليه حيث يكون.
اللهم إن هذا منكر، ليس هناك مفهوم للاستقلال لدينا. ليست هناك طرق وتعرضنا للفيضانات وليس هناك غير الوعود الكاذبة. فلا نرى أي مسؤول هنا، ضاع أبناؤنا أما نحن فقد تجاوزنا الخمسين ولم يسبق لنا أن استفدنا من أي شيء. يقولون أنه في 2010 سوف يكون المغرب مجهزا نحن هنا منذ 1901 ورأينا كل أشكال المعاناة. وقالوا أيضا أنه في شهر يوليوز سوف تعبد الطريق لكن أين هذه الطريق، لقد
اعتبرونا متخلفين ولا نعلم أي شيء.
وهنا يأتي أحد المحتجين بفتاة يظهر في رأسها جرح غائر ويقاطعه قائلا :
- أين الطبيب الذي سيعالج هذه الفتاة ؟ تريدون أن نصوت ونحن نعيش في الظلم ؟
لماذا لا يوجد طبيب يعالج هذه الفتاة ؟
وأنت سيد عباس الفاسي، الغارق في البحث عن ثلاثين وزيرا، هل تعرف أن سكان هذه القرية يريدون فقط طبيبا واحدا يعالج مرضاهم وجرحاهم. خذوا كل الحقائب التي تريدون وأرسلوا إلى قرية تيلمي طبيبا واحدا لا غير...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق