خلال هذا الشهر المبارك نظم مجموعة من الأطباء المغاربة والأجانب حملة لتقديم الرعاية الصحية للمرضى والمتشردين المتخلى عنهم في مدينة الصويرة. وهكذا فقد تم إجراء 43 عملية جراحية مجانية وتلقى 25 مريضا علاجات مختلفة، كما استفاد عدد غير محدود من المشردين من الرعاية الغذائية.
ولا بد أنكم تتساءلون عن المقاييس التي اعتمدها هؤلاء الأطباء الطيبون في اختيار مرضاهم، وكم ستندهشون عندما ستعرفون أن الشرط الأساسي للاستفادة من هذه الخدمات الطبية الإنسانية هو أن تكون قطا. نعم، مش أو مشة. فالفريق الطبي وضع نصب عينه تقديم التغطية الصحية للقطط الضالة في الصويرة التي تعاني من انتشار كبير لهذا النوع من المشاش.
لا بد أن أكثر من مريض سيتمنى لو أنه كان مشا تائها في أزقة الصويرة حتى تتسنى له الاستفادة من عملية جراحية مجانية أو يعلق قرعة من الصيروم فابور، أو يأخذ مجرد قرص أسبيرين يخفف به ألمه.
أتذكر عندما كتبت مقالا حول الفندق الأمريكي الذي يوجد بفاس، وهو مستشفى بيطري يشرف عليه أحد الأجانب الكنديين، يعيش بفضل دعم المؤسسات الأجنبية. وعندما تحدثت عن الحمير والبغال الفاسية التي تتلقى الرعاية الصحية بالمجان في الفندق الأمريكي، وكيف أن الفندق اشترى آلات طبية جديدة لإجراء تحاليل الدم والقيام بالصور الإشعاعية للحيوانات المريضة، راسلني أكثر من مواطن يسألني هل هناك إمكانية لدخول هذا الفندق الحيواني والاستفادة من خدماته الطبية المجانية. لأن الخدمات الطبية بمستشفى الغساسي بفاس متدهورة جدا ومؤدى عنها مع ذلك، وإذا أردت أن تجري عملية جراحية فإنهم يطلبون منك أن تأتي معك بالخيط والبنج والبيطادين، وأحيانا بالطبيب الذي سيفتحك. وفوق هذا كله يجب أن تطلب زهرك لكي تخرج حيا ترزق من غرفة العمليات.
فأجبت هؤلاء المواطنين المرضى بأن الفندق الأمريكي لا يقبل سوى البغال والحمير، فهذان الحيوانان هما اللذان يسمح لهما بالاستفادة من راديو الأشعة وتحاليل الدم والعمليات الجراحية مجانا. وبين فترة وأخرى يسمح لبعض الأبقار والعجول والأغنام والكلاب الضالة بالدخول لتلقي العلاج والاستفادة من ميزانية الفندق التي تصل إلى أربعة ملايين درهم سنويا تصرف لتقديم العلاج لحوالي 86 حيوانا يوميا. دون حاجة إلى تقديم شهادة الضعف طبعا.
ولعل عناية الفندق بالبغال بدرجة أهم تكشف أهمية البغل الفاسي في الرواج الاقتصادي بالمدينة القديمة. فهناك أزقة لا يستطيع عبورها سوى البغال وهي محملة بالبضائع التي تبيعها المحلات التجارية والدكاكين هناك. وبسبب عدم احترام أصحاب شركة كوكا كولا للوزن القانوني وتسببهم في جراح بليغة لبعض البغال بسبب الصناديق، فقد سبق لمدير الفندق أن رفع دعوى قضائية ضد كوكا كولا يطالبها بتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه للبغال. أما عمال شركة كوكا كولا عندما احتجوا في الدار البيضاء على طول ساعات العمل وقلة التعويضات فقد أحضرت لهم الشركة عمال حراسة مدججين بالكلاب وهاجموهم بالليل وهم نيام. شكون فينا اللي بغل ديال بصح دابا.
ورغم كل ما يقوم به هذا الفندق الذي بدأ نشاطه الطبي منذ سنة 1929، أي في زمن كان فيه المغاربة لا يعرفون الفرق بين الطبيب وبائع صيكوك، فإن الحكومة المغربية لا تعترف به. فمنذ سنة 1998 وطلب الاعتراف موضوع فوق مكتب الوزير الأول، لكن دون جواب. كما أن وزارة الفلاحة لا تسمح له باستيراد الأدوية من الخارج.
وما أثار انتباهي شخصيا هو ذلك الشعور الإنساني الراقي الذي يتحدث به مدير الفندق عن مرضاه من الحيوانات. وهو شعور يفتقد إليه بعض الأطباء ومدراء المصحات الخاصة الذين يستقبلون البشر وليس الحيوانات. ولعل أكثر ما يؤثر في نفسه هو عندما يرى صاحب بغل أو حمار يضطر دابته للعمل بمجرد ما تغادر أسوار الفندق، يعني أن بعض مالكي الدواب لا يحترمون فترة النقاهة التي تتطلبها الحالة الصحية لدوابهم، ويستعجلون حمل الأثقال على ظهرها بمجرد وقوفها على قوائمها. ويحكي مدير الفندق أنه استدعى الشرطة أكثر من مرة لمنع بعض مالكي الدواب من اقتحام الفندق لإخراج حميرهم وبغالهم لإجبارها على العمل دون احترام فترة نقاهتها. في بعض المصحات الخاصة والمستشفيات العمومية يستدعون الشرطة والأمن الخاص لإخراج المرضى عندما يتأكدون من أن جيوبهم ليس فيها ما يكفي لدفع مصاريف علاجهم. وكم من مريض أخرجوه ورموه أمام باب المستشفى وتركوه يحتضر ببطء إلى أن مات مثل قط متشرد. عفوا، فحتى القطط المتشردة أصبحت لا تموت في المغرب، والدليل على ذلك أنهم في الصويرة يبحثون عنها بالريق الناشف لتقديم المساعدة الطبية لها.
ومن شدة حرص الوزير الأول المعين عباس الفاسي (من العين وليس التعيين)، على صحة المغاربة فقد فكر في تحويل وزارة الصحة إلى مجرد كتابة في الدولة ملحقة بوزارة ستتسلمها الوزيرة الضاحكة ياسمينة بادو. ومن المنتظر أن يتسلم نص وزارة هذه كاتب الدولة الماشط شعره بالدهنة سعيد أولباشا.
وهكذا ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه المغاربة إصلاح قطاع الصحة العمومية وتقوية مكانتها ومضاعفة الغلاف المالي المرصود لها، نرى كيف أنها ستتراجع إلى الخلف لكي تفسح المجال أمام لوبيات القطاع الخاص لكي يتفننوا في جزارة المواطنين وتعليقهم من كراعيهم.
وهي مناسبة أمام الدكتور سعيد أولباشا لكي يعيد فتح عيادته الطبية الخاصة في الرباط، والتي أغلقها بعد توليه مسؤولية كتابة الدولة في التكوين المهني وإنعاش الشغل. فهذه فرصة لا تعوض لكي ينعش سعادة الدكتور الشغل في عيادته بعدما ينجح في انتزاع حقيبة كتابة الدولة في الصحة. وكما يقول المثل «الساقي يسقي راسو».
ولعل أكبر دليل على أن وزارة الصحة تتعامل مع صحة المواطنين باستخفاف كبير هو فرضها مباراة الدخول على الممرضين المجازين خريجي معاهد تأهيل الأطر لاختيار بضعة عشرات من آلاف الخريجين، مع أن مستشفيات المملكة بحاجة إليهم جميعهم. ولعل بيد الله استوعب رسالة المقاطعة التي بعثها إليه هؤلاء الممرضون عندما امتنعوا عن اجتياز المباراة. وإذا كانت هذه المقاطعة قد مرت بسلام في بعض المدن إلا أنها في العيون كلفت خريجي معهد تأهيل الأطر هناك خمسا وعشرين حالة كسر وجرح في أوساط الخريجات، من بينهن ثلاث خريجات حوامل لم تحترم قوات التدخل السريع وضعهن الإنساني. زيادة على اعتقال خريجتين ووالدة إحداهن وإشباعهن سبا وشتما.
فيبدو أن وزارة الصحة تريد أن تهمش الممرضين المهنيين، وتشجع المستشفيات العمومية والخاصة على تشغيل ممرضات وممرضين لا
علاقة لهم بالمهنة يخلطون قراعي الصيروم بقراعي سانيكروا. وأعرف مصحة خاصة في الرباط تشغل ممرضات كن إلى وقت قريب عاملات نظافة في المصحة، قبل أن تتم ترقيتهن إلى منصب ممرضات يضربن الشوكة للمرضى بعد أن كن يضربن الجفاف.
وعندما تسمع مثلا أن مندوب وزارة الصحة بالفنيدق، والذي ليس شخصا آخر غير ابن أخت الشيخ بيد الله وزير الصحة، فتح منذ أسبوع مريضة في الستين من عمرها قبل أن يكتشف أنه أخطأ التشخيص وأنه مطالب بخياطتها على وجه السرعة ليتركها في حالة مزرية، تكتشف أنه ليس فقط هناك هواة بين الممرضين والممرضات، ولكن أيضا حتى بين الأطباء.
الحاصول فهاد البلاد اللهم ملقاك فالفندق مع البغال والحمير ولا ملقاك مع شي أطباء وفراملية فشي سبيطارات
ولا بد أنكم تتساءلون عن المقاييس التي اعتمدها هؤلاء الأطباء الطيبون في اختيار مرضاهم، وكم ستندهشون عندما ستعرفون أن الشرط الأساسي للاستفادة من هذه الخدمات الطبية الإنسانية هو أن تكون قطا. نعم، مش أو مشة. فالفريق الطبي وضع نصب عينه تقديم التغطية الصحية للقطط الضالة في الصويرة التي تعاني من انتشار كبير لهذا النوع من المشاش.
لا بد أن أكثر من مريض سيتمنى لو أنه كان مشا تائها في أزقة الصويرة حتى تتسنى له الاستفادة من عملية جراحية مجانية أو يعلق قرعة من الصيروم فابور، أو يأخذ مجرد قرص أسبيرين يخفف به ألمه.
أتذكر عندما كتبت مقالا حول الفندق الأمريكي الذي يوجد بفاس، وهو مستشفى بيطري يشرف عليه أحد الأجانب الكنديين، يعيش بفضل دعم المؤسسات الأجنبية. وعندما تحدثت عن الحمير والبغال الفاسية التي تتلقى الرعاية الصحية بالمجان في الفندق الأمريكي، وكيف أن الفندق اشترى آلات طبية جديدة لإجراء تحاليل الدم والقيام بالصور الإشعاعية للحيوانات المريضة، راسلني أكثر من مواطن يسألني هل هناك إمكانية لدخول هذا الفندق الحيواني والاستفادة من خدماته الطبية المجانية. لأن الخدمات الطبية بمستشفى الغساسي بفاس متدهورة جدا ومؤدى عنها مع ذلك، وإذا أردت أن تجري عملية جراحية فإنهم يطلبون منك أن تأتي معك بالخيط والبنج والبيطادين، وأحيانا بالطبيب الذي سيفتحك. وفوق هذا كله يجب أن تطلب زهرك لكي تخرج حيا ترزق من غرفة العمليات.
فأجبت هؤلاء المواطنين المرضى بأن الفندق الأمريكي لا يقبل سوى البغال والحمير، فهذان الحيوانان هما اللذان يسمح لهما بالاستفادة من راديو الأشعة وتحاليل الدم والعمليات الجراحية مجانا. وبين فترة وأخرى يسمح لبعض الأبقار والعجول والأغنام والكلاب الضالة بالدخول لتلقي العلاج والاستفادة من ميزانية الفندق التي تصل إلى أربعة ملايين درهم سنويا تصرف لتقديم العلاج لحوالي 86 حيوانا يوميا. دون حاجة إلى تقديم شهادة الضعف طبعا.
ولعل عناية الفندق بالبغال بدرجة أهم تكشف أهمية البغل الفاسي في الرواج الاقتصادي بالمدينة القديمة. فهناك أزقة لا يستطيع عبورها سوى البغال وهي محملة بالبضائع التي تبيعها المحلات التجارية والدكاكين هناك. وبسبب عدم احترام أصحاب شركة كوكا كولا للوزن القانوني وتسببهم في جراح بليغة لبعض البغال بسبب الصناديق، فقد سبق لمدير الفندق أن رفع دعوى قضائية ضد كوكا كولا يطالبها بتعويض عن الضرر الذي تسببت فيه للبغال. أما عمال شركة كوكا كولا عندما احتجوا في الدار البيضاء على طول ساعات العمل وقلة التعويضات فقد أحضرت لهم الشركة عمال حراسة مدججين بالكلاب وهاجموهم بالليل وهم نيام. شكون فينا اللي بغل ديال بصح دابا.
ورغم كل ما يقوم به هذا الفندق الذي بدأ نشاطه الطبي منذ سنة 1929، أي في زمن كان فيه المغاربة لا يعرفون الفرق بين الطبيب وبائع صيكوك، فإن الحكومة المغربية لا تعترف به. فمنذ سنة 1998 وطلب الاعتراف موضوع فوق مكتب الوزير الأول، لكن دون جواب. كما أن وزارة الفلاحة لا تسمح له باستيراد الأدوية من الخارج.
وما أثار انتباهي شخصيا هو ذلك الشعور الإنساني الراقي الذي يتحدث به مدير الفندق عن مرضاه من الحيوانات. وهو شعور يفتقد إليه بعض الأطباء ومدراء المصحات الخاصة الذين يستقبلون البشر وليس الحيوانات. ولعل أكثر ما يؤثر في نفسه هو عندما يرى صاحب بغل أو حمار يضطر دابته للعمل بمجرد ما تغادر أسوار الفندق، يعني أن بعض مالكي الدواب لا يحترمون فترة النقاهة التي تتطلبها الحالة الصحية لدوابهم، ويستعجلون حمل الأثقال على ظهرها بمجرد وقوفها على قوائمها. ويحكي مدير الفندق أنه استدعى الشرطة أكثر من مرة لمنع بعض مالكي الدواب من اقتحام الفندق لإخراج حميرهم وبغالهم لإجبارها على العمل دون احترام فترة نقاهتها. في بعض المصحات الخاصة والمستشفيات العمومية يستدعون الشرطة والأمن الخاص لإخراج المرضى عندما يتأكدون من أن جيوبهم ليس فيها ما يكفي لدفع مصاريف علاجهم. وكم من مريض أخرجوه ورموه أمام باب المستشفى وتركوه يحتضر ببطء إلى أن مات مثل قط متشرد. عفوا، فحتى القطط المتشردة أصبحت لا تموت في المغرب، والدليل على ذلك أنهم في الصويرة يبحثون عنها بالريق الناشف لتقديم المساعدة الطبية لها.
ومن شدة حرص الوزير الأول المعين عباس الفاسي (من العين وليس التعيين)، على صحة المغاربة فقد فكر في تحويل وزارة الصحة إلى مجرد كتابة في الدولة ملحقة بوزارة ستتسلمها الوزيرة الضاحكة ياسمينة بادو. ومن المنتظر أن يتسلم نص وزارة هذه كاتب الدولة الماشط شعره بالدهنة سعيد أولباشا.
وهكذا ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه المغاربة إصلاح قطاع الصحة العمومية وتقوية مكانتها ومضاعفة الغلاف المالي المرصود لها، نرى كيف أنها ستتراجع إلى الخلف لكي تفسح المجال أمام لوبيات القطاع الخاص لكي يتفننوا في جزارة المواطنين وتعليقهم من كراعيهم.
وهي مناسبة أمام الدكتور سعيد أولباشا لكي يعيد فتح عيادته الطبية الخاصة في الرباط، والتي أغلقها بعد توليه مسؤولية كتابة الدولة في التكوين المهني وإنعاش الشغل. فهذه فرصة لا تعوض لكي ينعش سعادة الدكتور الشغل في عيادته بعدما ينجح في انتزاع حقيبة كتابة الدولة في الصحة. وكما يقول المثل «الساقي يسقي راسو».
ولعل أكبر دليل على أن وزارة الصحة تتعامل مع صحة المواطنين باستخفاف كبير هو فرضها مباراة الدخول على الممرضين المجازين خريجي معاهد تأهيل الأطر لاختيار بضعة عشرات من آلاف الخريجين، مع أن مستشفيات المملكة بحاجة إليهم جميعهم. ولعل بيد الله استوعب رسالة المقاطعة التي بعثها إليه هؤلاء الممرضون عندما امتنعوا عن اجتياز المباراة. وإذا كانت هذه المقاطعة قد مرت بسلام في بعض المدن إلا أنها في العيون كلفت خريجي معهد تأهيل الأطر هناك خمسا وعشرين حالة كسر وجرح في أوساط الخريجات، من بينهن ثلاث خريجات حوامل لم تحترم قوات التدخل السريع وضعهن الإنساني. زيادة على اعتقال خريجتين ووالدة إحداهن وإشباعهن سبا وشتما.
فيبدو أن وزارة الصحة تريد أن تهمش الممرضين المهنيين، وتشجع المستشفيات العمومية والخاصة على تشغيل ممرضات وممرضين لا
علاقة لهم بالمهنة يخلطون قراعي الصيروم بقراعي سانيكروا. وأعرف مصحة خاصة في الرباط تشغل ممرضات كن إلى وقت قريب عاملات نظافة في المصحة، قبل أن تتم ترقيتهن إلى منصب ممرضات يضربن الشوكة للمرضى بعد أن كن يضربن الجفاف.
وعندما تسمع مثلا أن مندوب وزارة الصحة بالفنيدق، والذي ليس شخصا آخر غير ابن أخت الشيخ بيد الله وزير الصحة، فتح منذ أسبوع مريضة في الستين من عمرها قبل أن يكتشف أنه أخطأ التشخيص وأنه مطالب بخياطتها على وجه السرعة ليتركها في حالة مزرية، تكتشف أنه ليس فقط هناك هواة بين الممرضين والممرضات، ولكن أيضا حتى بين الأطباء.
الحاصول فهاد البلاد اللهم ملقاك فالفندق مع البغال والحمير ولا ملقاك مع شي أطباء وفراملية فشي سبيطارات
هناك تعليق واحد:
صراحة كتابتك أول مرة كنقراها وكنحيي فيك هد الروح التي تجسد عبرها واقع مرير يعيشه خاصة في مجال الصحة.
إرسال تعليق