هناك رسائل كثيرة تصلني بين يوم وآخر. شكاوى، مظالم، طلبات عمل، طلبات زواج. لكن يحدث أحيانا أن تصلك رسالة تجد أنها تختزل معاناة الآلاف من المغاربة. رسالة تستحق أن تنشر كاملة بدون تعديلات. اليوم هناك رسالة موجهة للوزير الأول عباس الفاسي، يذكره فيها صاحبها بجريمة اسمها «النجاة» مرت عليها خمس سنوات ولازالت جراحها طرية فوق ذاكرة ضحاياها.
باسم هؤلاء الضحايا، يتحدث اليوم الضحية رقم ثلاثين ألفا، وهذه رسالته:
«بسم الله الرحمان الرحيم أنا الموقع أسفله حميد بو دهب الحامل للبطاقة الوطنية رقم 234699 BJ والساكن بكريان الرحامنة بسيدي مومن، أصرح بأن وزير التشغيل السابق في حكومة اليوسفي والوزير الأول الحالي السيد عباس الفاسي قد تسبب في تدمير مستقبلي المهني والدراسي وتحطيم نفسيتي.
وهذه قصتي.
في سنة 2001 بعد اجتياز مجموعة من الاختبارات تمكنت بصعوبة نظرا لعدد المرشحين من الظفر بمقعد في المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية في الصناعة الميكانيكية شعبة تقني متخصص في تصميم ودراسة التركيب المعدني كانت دفعتنا هي الأولى في المعهد مما يعني حظوظا وافرة في إيجاد عمل مباشرة، بعد التخرج كانت مسيرتي الدراسية موفقة وكانت لي طموحات كثيرة وأمال عريضة.
إلى أن جاءت سنة 2002، السنة التي قلبت حياتي رأسا على عقب، خصوصا عندما توصلت بخبر من أحد معارفي بأن هناك شركة إماراتية تطلب عددا كبيرا من الشباب المغربي للاشتغال في بواخر بحرية، فذهبت إلى الوكالة الوطنية لتشغيل الكفاءات التابعة لوزارة الشغل من أجل التأكد من الخبر، ولم يكن في نيتي تسجيل نفسي لكوني كنت أتابع دراستي في المعهد. بعد دخولي للوكالة وجدت عددا كبيرا من الشباب ذوي الكفاءات والحاصلين على مختلف الشواهد العليا تفوق الشهادة التي سأحصل عليها يقومون بملء مجموعة من الوثائق للتسجيل في الشركة الإماراتية. فقلت في نفسي مادام هؤلاء الشباب المجازون والتقنيون يسجلون أنفسهم فهل سأكون أنا أحسن منهم، وخاصة أنني سمعت أن الشركة الإماراتية صاحبها أمير في الإمارات والأجر الشهري الذي تقترحه الشركة مغري.
بعد استشارة عائلتي وبعد تفكير عميق قررت تسجيل نفسي في الشركة، دون أن أنقطع عن الدراسة في المعهد. بعد مرور عدة أشهر عن التسجيل في الشركة واجتيازي لعدة فحوصات طبية وتحاليل للدم كلفتني مبالغ كبيرة واستنزفت مدخرات عائلتي التي يعيلها أب متقاعد يتحمل مسؤولية إطعام ستة أفواه. رغم ذلك تابعت دراستي في المعهد واجتزت الامتحانات بنجاح، لم يراودني الشك يوما في شركة «النجاة» لعدة أسباب لعل أهمها هي أنهم قالوا إن الشركة يرأسها أمير إماراتي، وبالتالي لو كانت شركة وهمية لتدخلت سفارة الإمارات في المغرب وأبلغت عن ذلك. ثانيا فالشركة تعاقدت مباشرتا مع الدولة في شخص وزارة التشغيل. ثالثا عملية التسجيل وإجراء الفحوصات دامت لأشهر، أي مدة طويلة كافية لإجراء بحث أمني لمعرفة جدية الصفقة من عدمها. رابعا، مدير الوكالة الوطنية لتشغيل الكفاءات ذهب شخصيا إلى الإمارات وتعاقد مع الشركة.
أما السبب المهم الذي جعلني أودع زملائي في المعهد وأنقطع عن إتمامي مسيرتي الدراسية فهو الكلام الذي صرح به السيد عباس الفاسي في لقاء مباشر على برنامج «في الواجهة» التي كانت تعده وتقدمه مليكة مالك في القناة الثانية. الكلام الذي لازلت أحفظه رغم مرور خمس سنوات والذي أكد فيه بأن شركة «النجاة» شركة حقيقية وأن العملية سليمة وهو رجل مسؤول عن هرم السلطة في وزارة التشغيل وله جميع الإمكانيات لتجعل كلامه يأخذ عن محمل الجد.
وكلكم تعرفون نهاية القصة. خيرة الشباب، مستقبل البلاد، أكثر من ثلاثين ألف شاب المغربي تعرض لأكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ المغرب.
مرت الآن خمس سنوات عن عملية النصب هذه، ولازلت أتذكرها بكثير من الحقد والكراهية لكل من ساهم في تدمير مستقبلي وسرقة دمي ومالي وتحطيم نفسيتي، وعلى رأسهم السيد عباس الفاسي، الوزير الأول الحالي. أقول لك يا عباس لقد قتلتني، أنا الآن أمارس عملي في محطة الوقود مرجان عين السبع بعد أن كنت أحلم أن أتخرج من المعهد وأصبح تقنيا متخصصا وأشتغل في عمل يناسب شابا درس أربع عشرة سنة وحصل على الباكالوريا العلمية ودرس في الجامعة. لا أن أشتغل في عمل أخجل عندما أصرح به رغم احترامي للعاملين في نفس الشغل.
إنك يا عباس قد حطمتني. لم أكن أتخيل يوما أن أذهب إلى الرباط وأتشرد وأعتصم أمام البرلمان ويحطموا عظامي. أتذكر بكثير من الحزن في القلب تلك الليلة الماطرة وأنا واقف أمام البرلمان أطالب بإرجاع حقوقي المغتصبة. عندما صفعني أحد رجال التدخل السريع بكيت كثيرا لأن الدولة ظلمتني. تسببوا في انقطاعي عن اتمام الدراسة وأخذوا دمي وسرقوا مالي وعندما طالبتهم بحقي أهانوني وضربوني. لقد سببت لي يا عباس الفاسي أزمة نفسية.
إلى حدود الآن وبعد مرور خمس سنوات لم يتم تعويضنا كما قالوا، والأقسى من ذلك أن لا أحد منهم يعتذر لنا عما وقع. أنا الآن أبلغ من السن سبعا وعشرين سنة، تقريبا نفس المدة التي قضيتها يا عباس في الحكومات والسفارات والبرلمانات. وهذه مناسبة لكي أقول لكم أنني لم أعد أنتظر منكم شيئا. لقد فوضت أمري لله عز وجل وأنتظر بفارغ الصبر أن يقبل ملفي للإقامة في كندا وأترك لكم البلاد بما فيها. وهذا هو الأمل الذي أعمل على تحقيقه، وأتمنى من الله أن يسهل لي فيه. وفي الأخير أقول لك السيد عباس الفاسي أنت الآن وزير أول ولك من الوسائل والإمكانيات ما يجعلك تقوم بتعويض ما يمكن تعويضه للضحايا، وتأكد أنك أنت المسؤول رقم واحد وأن الله يمهل ولا يهمل سبحانه.
أكثر من ثلاثين ألف شاب ضحية إذا أضفنا إليهم عائلاتهم وأصدقاءهم سيصبح العدد قريبا من المليون، أي مليون شخص تم الضحك عليهم وسرقتهم.
ولكي أكون صريحا معكم فأنا شخصيا لم أتسجل في اللوائح الانتخابية، ولن أتسجل يوما. ولي اليقين بأن البرلمان لو أزيل من الوجود فإن غيابه لن يؤثر في المشهد المغربي.
لم أعد أثق لا في الأحزاب ولا في البرلمان ولا في الحكومة. أثق في الله عز وجل، هو حسبي ونعم الوكيل فيكم.
وتقبلوا سعادة الوزير الأول غضبي الشديد منكم، وأسفي الكبير على المغرب».
باسم هؤلاء الضحايا، يتحدث اليوم الضحية رقم ثلاثين ألفا، وهذه رسالته:
«بسم الله الرحمان الرحيم أنا الموقع أسفله حميد بو دهب الحامل للبطاقة الوطنية رقم 234699 BJ والساكن بكريان الرحامنة بسيدي مومن، أصرح بأن وزير التشغيل السابق في حكومة اليوسفي والوزير الأول الحالي السيد عباس الفاسي قد تسبب في تدمير مستقبلي المهني والدراسي وتحطيم نفسيتي.
وهذه قصتي.
في سنة 2001 بعد اجتياز مجموعة من الاختبارات تمكنت بصعوبة نظرا لعدد المرشحين من الظفر بمقعد في المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية في الصناعة الميكانيكية شعبة تقني متخصص في تصميم ودراسة التركيب المعدني كانت دفعتنا هي الأولى في المعهد مما يعني حظوظا وافرة في إيجاد عمل مباشرة، بعد التخرج كانت مسيرتي الدراسية موفقة وكانت لي طموحات كثيرة وأمال عريضة.
إلى أن جاءت سنة 2002، السنة التي قلبت حياتي رأسا على عقب، خصوصا عندما توصلت بخبر من أحد معارفي بأن هناك شركة إماراتية تطلب عددا كبيرا من الشباب المغربي للاشتغال في بواخر بحرية، فذهبت إلى الوكالة الوطنية لتشغيل الكفاءات التابعة لوزارة الشغل من أجل التأكد من الخبر، ولم يكن في نيتي تسجيل نفسي لكوني كنت أتابع دراستي في المعهد. بعد دخولي للوكالة وجدت عددا كبيرا من الشباب ذوي الكفاءات والحاصلين على مختلف الشواهد العليا تفوق الشهادة التي سأحصل عليها يقومون بملء مجموعة من الوثائق للتسجيل في الشركة الإماراتية. فقلت في نفسي مادام هؤلاء الشباب المجازون والتقنيون يسجلون أنفسهم فهل سأكون أنا أحسن منهم، وخاصة أنني سمعت أن الشركة الإماراتية صاحبها أمير في الإمارات والأجر الشهري الذي تقترحه الشركة مغري.
بعد استشارة عائلتي وبعد تفكير عميق قررت تسجيل نفسي في الشركة، دون أن أنقطع عن الدراسة في المعهد. بعد مرور عدة أشهر عن التسجيل في الشركة واجتيازي لعدة فحوصات طبية وتحاليل للدم كلفتني مبالغ كبيرة واستنزفت مدخرات عائلتي التي يعيلها أب متقاعد يتحمل مسؤولية إطعام ستة أفواه. رغم ذلك تابعت دراستي في المعهد واجتزت الامتحانات بنجاح، لم يراودني الشك يوما في شركة «النجاة» لعدة أسباب لعل أهمها هي أنهم قالوا إن الشركة يرأسها أمير إماراتي، وبالتالي لو كانت شركة وهمية لتدخلت سفارة الإمارات في المغرب وأبلغت عن ذلك. ثانيا فالشركة تعاقدت مباشرتا مع الدولة في شخص وزارة التشغيل. ثالثا عملية التسجيل وإجراء الفحوصات دامت لأشهر، أي مدة طويلة كافية لإجراء بحث أمني لمعرفة جدية الصفقة من عدمها. رابعا، مدير الوكالة الوطنية لتشغيل الكفاءات ذهب شخصيا إلى الإمارات وتعاقد مع الشركة.
أما السبب المهم الذي جعلني أودع زملائي في المعهد وأنقطع عن إتمامي مسيرتي الدراسية فهو الكلام الذي صرح به السيد عباس الفاسي في لقاء مباشر على برنامج «في الواجهة» التي كانت تعده وتقدمه مليكة مالك في القناة الثانية. الكلام الذي لازلت أحفظه رغم مرور خمس سنوات والذي أكد فيه بأن شركة «النجاة» شركة حقيقية وأن العملية سليمة وهو رجل مسؤول عن هرم السلطة في وزارة التشغيل وله جميع الإمكانيات لتجعل كلامه يأخذ عن محمل الجد.
وكلكم تعرفون نهاية القصة. خيرة الشباب، مستقبل البلاد، أكثر من ثلاثين ألف شاب المغربي تعرض لأكبر عملية نصب واحتيال في تاريخ المغرب.
مرت الآن خمس سنوات عن عملية النصب هذه، ولازلت أتذكرها بكثير من الحقد والكراهية لكل من ساهم في تدمير مستقبلي وسرقة دمي ومالي وتحطيم نفسيتي، وعلى رأسهم السيد عباس الفاسي، الوزير الأول الحالي. أقول لك يا عباس لقد قتلتني، أنا الآن أمارس عملي في محطة الوقود مرجان عين السبع بعد أن كنت أحلم أن أتخرج من المعهد وأصبح تقنيا متخصصا وأشتغل في عمل يناسب شابا درس أربع عشرة سنة وحصل على الباكالوريا العلمية ودرس في الجامعة. لا أن أشتغل في عمل أخجل عندما أصرح به رغم احترامي للعاملين في نفس الشغل.
إنك يا عباس قد حطمتني. لم أكن أتخيل يوما أن أذهب إلى الرباط وأتشرد وأعتصم أمام البرلمان ويحطموا عظامي. أتذكر بكثير من الحزن في القلب تلك الليلة الماطرة وأنا واقف أمام البرلمان أطالب بإرجاع حقوقي المغتصبة. عندما صفعني أحد رجال التدخل السريع بكيت كثيرا لأن الدولة ظلمتني. تسببوا في انقطاعي عن اتمام الدراسة وأخذوا دمي وسرقوا مالي وعندما طالبتهم بحقي أهانوني وضربوني. لقد سببت لي يا عباس الفاسي أزمة نفسية.
إلى حدود الآن وبعد مرور خمس سنوات لم يتم تعويضنا كما قالوا، والأقسى من ذلك أن لا أحد منهم يعتذر لنا عما وقع. أنا الآن أبلغ من السن سبعا وعشرين سنة، تقريبا نفس المدة التي قضيتها يا عباس في الحكومات والسفارات والبرلمانات. وهذه مناسبة لكي أقول لكم أنني لم أعد أنتظر منكم شيئا. لقد فوضت أمري لله عز وجل وأنتظر بفارغ الصبر أن يقبل ملفي للإقامة في كندا وأترك لكم البلاد بما فيها. وهذا هو الأمل الذي أعمل على تحقيقه، وأتمنى من الله أن يسهل لي فيه. وفي الأخير أقول لك السيد عباس الفاسي أنت الآن وزير أول ولك من الوسائل والإمكانيات ما يجعلك تقوم بتعويض ما يمكن تعويضه للضحايا، وتأكد أنك أنت المسؤول رقم واحد وأن الله يمهل ولا يهمل سبحانه.
أكثر من ثلاثين ألف شاب ضحية إذا أضفنا إليهم عائلاتهم وأصدقاءهم سيصبح العدد قريبا من المليون، أي مليون شخص تم الضحك عليهم وسرقتهم.
ولكي أكون صريحا معكم فأنا شخصيا لم أتسجل في اللوائح الانتخابية، ولن أتسجل يوما. ولي اليقين بأن البرلمان لو أزيل من الوجود فإن غيابه لن يؤثر في المشهد المغربي.
لم أعد أثق لا في الأحزاب ولا في البرلمان ولا في الحكومة. أثق في الله عز وجل، هو حسبي ونعم الوكيل فيكم.
وتقبلوا سعادة الوزير الأول غضبي الشديد منكم، وأسفي الكبير على المغرب».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق