2007-10-11

حاميها حراميها

خلال شهر رمضان يكثر كل شيء، الأكل والرياضة والسهر، ويطيح الإيمان على بعضهم طيحة واحدة حتى لكأنك تحسبهم من أولياء الله الصالحين. وفي رمضان تكثر الشفرة أيضا. وخصوصا بين العصر والمغرب، حيث يكون الإنسان منهك القوى وذهنه خارج التغطية. حتى أصبحت بمجرد ما تلتقي صديقا أو صديقة وتسأله لماذا هاتفه مغلق باستمرار فيقول لك :
- علاه مافراسكش ؟
- آشنو مافراسيش ؟
- كشطوني ولاد الحرام...

هذه هي الجملة التي نسمعها تتردد هذه الأيام. وبالأمس فقط وفي قلب الدار البيضاء، بداخل أحد متاجر بناية التوين سانتر، اكتشفت سيدة تقطن بشارع أنفا أن لصا سرق منها 300 درهم وأطلق ساقيه للريح. ولحسن حظ السيدة أن عناصر الأمن الخاص بالتوين سانتر بمساعدة دورية للشرطة استطاعوا محاصرة اللص واعتقاله. إلى هنا يبدو الخبر عاديا وليس فيه ما يثير، فمثل هذه السرقات تحدث بالعشرات يوميا في كل مدن المملكة الشريفة.

اسمعوا وبعد ذلك يمكنكم أن تنتفوا شعوركم إذا أردتم. المهم اقتاد عناصر الشرطة اللص إلى مركز الأمن للتحقق من هويته. فماذا اكتشفوا يا ترى، هنا الطامة الكبرى. لقد اكتشفوا أن اللص المدعو م.ب ليس سوى عنصر من عناصر اللواء الخفيف الخامس لثكنة «اللايا» المشكلة لجهاز «البيلر». وهو الجهاز المكون من العسكر الذين تم إدماجهم ضمن عناصر الشرطة لتشكيل دوريات أمنية للمحافظة على أرواح المواطنين وممتلكاتهم من اللصوص والمجرمين.

جميعكم ستقولون اللهم إن هذا لمنكر، لقد أصبح حاميها حراميها. من حقكم ذلك، لكن تعالوا نتأمل قليلا السبب الحقيقي الذي دفع بهذا العسكري إلى التحول فجأة إلى نشال. فالذين قرروا تطبيق تجربة إدماج العسكر ضمن رجال الشرطة لتشكيل دوريات للمحافظة على الأمن، كان همهم الوحيد هو تعزيز القبضة الحديدية حول الدار البيضاء خوفا من اندلاع حركات احتجاجية قد تتطور إلى انتفاضات شعبية تصعب السيطرة عليها. لكنهم نسوا أنهم بتنقيلهم لهؤلاء العسكر من الثكنات التي كانوا يأكلون فيها بالمجان إلى الشارع وحرمانهم من تعويض الكوزينة، وإعطائهم راتبا شهريا لا يتعدى ألفي درهم، فإنهم يطلبون منهم بشكل أو بآخر أن يكملوا الشهر من جيوب المواطنين. وهذا بالضبط ما قام به العسكري ب.م في متجر التوين سانتر. وأنا هنا لست بصدد تبرير ما قام به هذا العسكري اللص، وإنما فقط أريد أن أقول أن الذين يصرفون مثل هذه الرواتب للعسكر ويأتون بهم من ثكناتهم البعيدة إلى الدار البيضاء التي نعرف كلنا مستوى العيش المكلف فيها، هم أيضا مسؤولون
عن السرقة التي تعرضت لها هذه السيدة.

تجربة إدماج العسكر الذين لا تجربة لهم في إدارة الأمن المدني ضمن الشرطة تجربة أخرى فاشلة يجربها الشرقي أضريص على شاكلة تجربة كرواتيا الفاشلة التي جربها الجنرال العنيكري في المواطنين.

وكلنا نتذكر الصراط المستقيم الذي كان يعيشه المواطنون مع عناصر شرطة كرواتيا التي تحولت إلى عصابات لقطاع الطرق تقود سيارات
كات كات ودراجات نارية تلاحق المواطنين لتنزل عليهم الباطل وتسلبهم أموالهم، حتى أن منهم من كان يطمع في الصرف ويقبل بأخذ درهمين أو ثلاثة، خصوصا من عند المراهقين الذين «يضبطونهم» عائدين مع صديقاتهم من الثانوية في حالة تلبس بتبادل الحديث.

وطبعا فالشروط المهنية التي كان يشتغل فيها عناصر شرطة كرواتيا كانت شروطا مهينة، وقد كان الوحيد الذي استفاد من «صفقة» كرواتيا هو الجنرال العنيكري، خصوصا عندما نتذكر حجم ذلك الأسطول الضخم من السيارات الرباعية الدفع والدراجات النارية والألبسة التي يعرف الجميع اسم صاحبة الشركة التي رست عليها الصفقة وعلاقتها العائلية بزميل الجنرال.

هناك مؤسسات عمومية وشركات خاصة تدفع لموظفيها ومستخدميها رواتب مخجلة وعندما تكتشف أن هؤلاء الموظفين والمستخدمين يسرقون لإتمام الشهر تستغرب وتندهش لجشع هؤلاء المستخدمين.

وقبل يومين في مطار محمد الخامس الدولي اضطر رجال الأمن إلى تعرية جميع مستخدمي شركة تنظيف تعمل بالمطار، ولم يسمحوا لهم بالبقاء سوى بالسليب. والسبب وراء هذا الستريبتيز الأمني هو أن إحدى الأميرات اشتكت من ضياع أشياء تخصها في المطار. فعمت حالة استنفار شديد بحثا عن مسروقات الأميرة. وإلى حدود الآن لم يعثروا في المطار سوى على مسدس معبأ بست رصاصات وسكين مُتخلى عنه قرب أحد أبواب الولوج إلى بهو منطقة المغادرة بمطار محمد الخامس الدولي، وهي منطقة متميزة بقلة حركة ومرور الراجلين.

ويعتقد بأن صاحب المسدس كان يخطط لتنفيذ عمل تخريبي على متن إحدى الرحلات الجوية، لكن يبدو أنه عندما اكتشف توفر المصالح الأمنية على جهاز كاشف للمعادن أثناء ولوج كل المداخل المؤدية إلى قلب المطار، اضطر إلى أن يتخلى عن سلاحه في آخر لحظة. وقد صادف اكتشاف هذا المسدس رحلة جوية تقوم بها الخطوط الجوية الملكية كل أربعاء من مطار محمد الخامس إلى نيويورك.
وإذا كان العسكري في الدار البيضاء يقوم في أوقات الفراغ بزيادة السوايع في النشل، فإن عسكريين آخرين في بويزاكارن تفرغا بشكل كلي لبيع الزطلة لعساكرية القشلة.

والحكاية وما فيها، والتي يضرب عليها الطم الجنرال بناني حاكم منطقة الجنوب، هي أن رجال الجنرال حسني بنسليمان اعتقلوا عسكريا برتبة «جندي بسيط» ينتمي للفوج الثالث للدخيرة بعد أن عثروا تحت زليج بيته على حوالي 12 كيلو من الزطلة مخبأة بعناية. واعتقلوا جنديا آخر برتبة رقيب كان يزود قشالي كلميم بالزطلة. وقد بدآ هاذان العسكريان نشاطهما قبل سنة بالبيع بالتقسيط، وعندما ازدهرت الحركة بدئا يتاجران بالجملة ويغطيان المنطقة الجنوبية بالزطلة، بلا خبار الجنرال بناني. وربما بخبار الكولونيل العقيد مصطفى النافيعي الذي يستغرب الجميع كيف لم يتناهى إلى علمه طيلة سنة كاملة أن عسكريين من رجاله لا يأتيان إلى القشلة للعمل مثل الآخرين. هو الذي يرفض رفضا قاطعا حتى إعطاء برمسيون نصف يوم لجنوده.

وحتى إذا كان سعادة الكولونيل في دار غفلون، فإن درهم ديال الجاوي تستطيع أن تبخر بويزاكارن وكلميم من أقصاها إلى أدناها. والجميع كان يعرف أن هذان الجنديين متفرغان لتموين الجنود بالزطلة. والدليل على ذلك أن رجال الدرك الملكي الذين حققوا في هذه الفضيحة عثروا في بيت الجنديين على شيكات بأسماء جنود وقعوها لهم مقابل اقتناء الزطلة.
ففي بعض القشالي بالجنوب إذا لم «يتكيف» الجنود مع الجو فيمكنهم أن يفقدوا عقولهم بسبب التغذية السيئة والمعاملة الأسوأ والراتب المخجل.
وكما يزيد السوايع العسكر في النشل بالدار البيضاء، ويزيد الدرك السوايع في النشل في طرق الممكلة، هناك أيضا من يزيد السوايع في بيع الزطلة، باش تكمل الباهية.
عولنا بكري على الأمن يحمينا

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

bismilah ra7man ra7im ara ana sabab had al 3ila howa rateb w mo3amal saye2a jounoud al maghrib layso b say2in b el 3aks men a9wa el jonod f 3alm laken yajib 3adm tajaholhom w nadr f machakilhm